الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ لأنْفُسِهِمْ﴾، (p-٤٩١)قُرِئَتْ: ”وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أنَّما نُمْلِي لَهم خَيْرٌ“، وقَدْ قُرِئَتْ: ”وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إنَّما نُمْلِي“، مَعْنى ”نُمْلِي لَهم“، نُؤَخِّرُهُمْ، وهَؤُلاءِ قَوْمٌ أعْلَمَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ أنَّهم لا يُؤْمِنُونَ أبَدًا، وأنَّ بَقاءَهم يَزِيدُهم كُفْرًا وإثْمًا، وأمّا الإعْرابُ، فَقالَ أبُو العَبّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ: إنَّ مَن قَرَأ بِالياءِ ”يَحْسَبَنَّ“، فَتَحَ ”أنَّ“، وكانَتْ تَنُوبُ عَنْ الِاسْمِ والخَبَرِ، تَقُولُ: ”حَسِبْتُ أنَّ زَيْدًا مُنْطَلِقٌ“، ويَصِحُّ الكَسْرُ مَعَ الياءِ بِقُبْحٍ: ”وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إنَّما نُمْلِي لَهم“، بِكَسْرِ ”إنَّ“، وهو جائِزٌ عَلى قُبْحِهِ، لِأنَّ الحُسْبانَ لَيْسَ بِفِعْلٍ حَقِيقِيٍّ، فَهو يَبْطُلُ عَمَلُهُ مَعَ ”إنَّ“، كَما يَبْطُلُ مَعَ اللّامِ، تَقُولُ: ”حَسِبْتُ لَعَبْدُ اللَّهِ مُنْطَلِقٌ“، وكَذَلِكَ قَدْ يَجُوزُ عَلى بُعْدٍ: ”حَسِبْتُ إنَّ عَبْدَ اللَّهِ مُنْطَلِقٌ“، ومَن قَرَأ: ”وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا“، لَمْ يَجُزْ لَهُ - عِنْدَ البَصْرِيِّينَ - إلّا كَسْرُ ”إنَّ“، اَلْمَعْنى: ”لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا، إمْلاؤُنا خَيْرٌ لَهم“، ودَخَلَتْ ”إنَّ“، مُؤَكِّدَةً، إذا فَتَحْتَ ”أنَّ“، صارَ المَعْنى: ”وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا إمْلاءَنا...“، قالَ أبُو إسْحاقَ: وهو عِنْدِي في هَذا المَوْضِعِ يَجُوزُ عَلى البَدَلِ مِن ”اَلَّذِينَ“، اَلْمَعْنى: ”لا تَحْسَبَنَّ إمْلاءَنا لِلَّذِينَ كَفَرُوا خَيْرًا لَهم“، وقَدْ قَرَأ بِها خَلْقٌ كَثِيرٌ، ومِثْلُ هَذِهِ القِراءَةِ مِنَ الشِّعْرِ قَوْلُ الشّاعِرِ: ؎فَما كانَ قَيْسٌ هُلْكُهُ هُلْكَ واحِدٍ ∗∗∗ ولَكِنَّهُ بُنْيانُ قَوْمٍ تَهَدَّما (p-٤٩٢)جَعَلَ هُلْكَهُ بَدَلًا مِن قَيْسٍ، المَعْنى: فَما كانَ هُلْكُ قَيْسٍ هُلْكَ واحِدٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب