الباحث القرآني

قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنْ تَمْسَسْكم حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ﴾، أيْ: إنْ تَظْفَرُوا، وتُخْصِبُوا، ساءَهم ذَلِكَ، ﴿وَإنْ تُصِبْكم سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها﴾، أيْ: إنْ نالَكم ضِدُّ ذَلِكَ فَرِحُوا، ﴿وَإنْ تَصْبِرُوا وتَتَّقُوا لا يَضُرُّكم كَيْدُهم شَيْئًا﴾، ضَمِنَ اللَّهُ - جَلَّ وعَزَّ - لِلْمُؤْمِنِينَ النَّصْرَ إنْ صَبَرُوا، وأعْلَمَهم أنَّ عُدْوانَهُمْ، وكَيْدَهم غَيْرُ ضارٍّ لَهُمْ، و”لا يَضُرُّكم“، اَلْأجْوَدُ فِيهِ الضَّمُّ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، الأصْلُ: ”لا يَضْرُرْكم“، ولَكِنَّ كَثِيرًا مِنَ القُرّاءِ والعَرَبِ يُدْغِمُ في مَوْضِعِ الجَزْمِ، وأهْلُ الحِجازِ يُظْهِرُونَ التَّضْعِيفَ، وهَذِهِ الآيَةُ جاءَتْ فِيها اللُّغَتانِ جَمِيعًا، فَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنْ تَمْسَسْكُمْ﴾، عَلى لُغَةِ أهْلِ الحِجازِ. وَقَوْلُهُ: ﴿لا يَضُرُّكُمْ﴾، (p-٤٦٥)عَلى لُغَةِ غَيْرِهِمْ مِنَ العَرَبِ، وكِلا الوَجْهَيْنِ حَسَنٌ، ويَجُوزُ: ”لا يَضُرَّكم“، و”لا يَضُرِّكم“، فَمَن فَتَحَ فَلِأنَّ الفَتْحَ خَفِيفٌ مُسْتَعْمَلٌ فى التِقاءِ السّاكِنَيْنِ في التَّضْعِيفِ، ومَن كَسَرَ فَعَلى أصْلِ التِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وقَدْ شَرَحْنا هَذا فِيما سَلَفَ مِنَ الكِتابِ، وقُرِئَتْ: ”لا يَضِرْكم“، مِن ”اَلضَّيْرُ“، و”اَلضَّيْرُ“، و”اَلضُّرُّ“، جَمِيعًا، بِمَعْنًى واحِدٍ، وكَذَلِكَ ”اَلضُّرُّ“، وقَدْ جاءَ في القُرْآنِ: ﴿قالُوا لا ضَيْرَ إنّا إلى رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ﴾ [الشعراء: ٥٠]، وجاءَ: ﴿وَإذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ في البَحْرِ ضَلَّ مَن تَدْعُونَ إلا إيّاهُ﴾ [الإسراء: ٦٧]، وقَدْ ذَكَرَ الفَرّاءُ أنَّ الكِسائِيَّ سَمِعَ بَعْضَ أهْلِ العالِيَةِ يَقُولُ: ”ما تَضُورُّنِي، فَلَوْ قُرِئَتْ عَلى هَذا:“ لا يَضُرْكم "، جازَ، وهَذا غَيْرُ جائِزٍ، ولا يُقْرَأُ حَرْفٌ مِن كِتابِ اللَّهِ مُخالِفٌ فِيهِ الإجْماعَ عَلى قَوْلِ رَجُلٍ مِن أهْلِ العالِيَةِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب