الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَلا -: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ﴾، يَعْنِي بِهِ أُمَّةَ مُحَمَّدٍ ﷺ، وقِيلَ في مَعْنى ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنّاسِ﴾ كُنْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ في اللَّوْحِ المَحْفُوظِ، وقِيلَ: كُنْتُمْ مُنْذُ آمَنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ، وقالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنى ”كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ“: هَذا الخِطابُ أصْلُهُ أنَّهُ خُوطِبَ بِهِ أصْحابُ النَّبِيِّ ﷺ، وهو يَعُمُّ سائِرَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ، والشَّرِيطَةُ في الخَيْرِيَّةِ ما هو في الكَلامِ، وهو قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، أيْ: تُوَحِّدُونَ اللَّهَ بِالإيمانِ بِرَسُولِهِ، لِأنَّ مَن كَفَرَ بِالنَّبِيِّ ﷺ لَمْ يُوَحِّدِ اللَّهَ، وذَلِكَ أنَّهُ يَزْعُمُ أنَّ الآياتِ المُعْجِزاتِ الَّتِي أتى بِها النَّبِيُّ ﷺ مِن ذاتِ نَفْسِهِ، فَجَعَلَ غَيْرَ اللَّهِ يَفْعَلُ فِعْلَ اللَّهِ، وآياتُ الأنْبِياءِ لا يَقْدِرُ عَلَيْها إلّا اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -، ويَدُلُّ عَلى أنَّ قَوْلَهُ: ﴿وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ﴾، تُقِرُّونَ أنَّ مُحَمَّدًا ﷺ نَبِيُّ اللَّهِ، قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلَوْ آمَنَ أهْلُ الكِتابِ لَكانَ خَيْرًا لَهُمْ﴾، فَأهْلُ الكِتابِ كَفَرُوا بِالنَّبِيِّ ﷺ، فَصارُوا كُفّارًا بِاللَّهِ، فَأعْلَمَ اللَّهُ أنَّ بَعْضَهُمْ، وهو القَلِيلُ مِنهُمْ، آمَنَ بِاللَّهِ، فَقالَ: ﴿مِنهُمُ المُؤْمِنُونَ وأكْثَرُهُمُ الفاسِقُونَ﴾، و”اَلْفاسِقُ“: اَلَّذِي خَرَجَ عَنْ أمْرِ اللَّهِ. (p-٤٥٧)وَوَعَدَ اللَّهُ النَّبِيَّ ﷺ والمُؤْمِنِينَ في أهْلِ الكِتابِ أنَّهم مَنصُورُونَ عَلَيْهِمْ، وأنَّهُ لا يَنالُهم مِن أهْلِ الكِتابِ اصْطِلامٌ، ولا غَلَبَةٌ، فَقالَ: ﴿لَنْ يَضُرُّوكم إلا أذًى﴾ [آل عمران: ١١١]، أيْ: يُؤْذُونَكم بِالبُهْتِ، والتَّحْرِيفِ، فَأمّا العاقِبَةُ فَتَكُونُ لِلْمُؤْمِنِينَ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلَئِنْ نَصَرُوهم لَيُوَلُّنَّ الأدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ﴾ [الحشر: ١٢]، يَعْنِي بِهِ أهْلَ الكِتابِ، وأعْلَمَهم في هَذِهِ الآيَةِ أنَّهم إنْ قاتَلُوهم ولَّوْهُمُ الأدْبارَ، وسُلِبُوا النَّصْرَ وكَذَلِكَ كانَ أمْرُ اليَهُودِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب