الباحث القرآني

(p-٣٧٣)سُورَةُ آلِ عِمْرانَ ﷽ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿الم﴾ ﴿اللَّهُ لا إلَهَ إلا هُوَ﴾ [آل عمران: ٢]، أجْمَعَتِ القُرّاءُ عَلى فَتْحِ المِيمِ، وقَدْ رُوِيَ عَنِ الرُّواسِيِّ ”المْ اَللَّهُ“، بِتَسْكِينِ المِيمِ، وقَدْ رَوى هَذِهِ القِراءَةَ بَعْضُهم عَنْ عاصِمٍ، والمَضْبُوطُ عَنْ عاصِمٍ في رِوايَةِ أبِي بَكْرِ بْنِ عَيّاشٍ، وأبِي عَمْرٍو، فَتْحُ المِيمِ، وفَتْحُ المِيمِ إجْماعٌ، وقَدْ شَرَحْنا مَعْنى ”الم“، واخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ في عِلَّةِ فَتْحِ المِيمِ، فَقالَ بَعْضُ البَصْرِيِّينَ: جائِزٌ أنْ يَكُونَ المِيمُ فُتِحَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ طُرِحَتْ عَلَيْها فَتْحَةُ الهَمْزَةِ، لِأنَّ نِيَّةَ حُرُوفِ الهِجاءِ الوَقْفُ، وهَذا أيْضًا قَوْلُ الكُوفِيِّينَ، وذَكَرَ أبُو الحَسَنِ الأخْفَشُ أنَّ المِيمَ لَوْ كُسِرَتْ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، فَقِيلَ: ”المِ اللَّهُ“، لَجازَ، وهَذا غَلَطٌ مِن أبِي الحَسَنِ، لِأنَّ قَبْلَ المِيمِ ياءً مَكْسُورًا ما قَبْلَها، فَحَقُّها الفَتْحُ، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وذَلِكَ لِثِقَلِ الكَسْرَةِ مَعَ الياءِ، فَأمّا ﴿القَيُّومُ﴾ [آل عمران: ٢]، فَقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ، وابْنِ مَسْعُودٍ، جَمِيعًا، أنَّهُما قَرَآ: ”اَلْقَيّامُ“، وقَدْ رُوِيْتْ: ”اَلْقَيِّمُ“، والَّذِي يَنْبَغِي أنْ يُقْرَأ ما عَلَيْهِ المُصْحَفُ، وهُوَ: ”اَلْقَيُّومُ“، بِالواوِ، و”اَلْقَيِّمُ“، أيْضًا جَيِّدٌ بالِغٌ كَثِيرٌ في العَرَبِيَّةِ، ولَكِنَّ القِراءَةَ بِخِلافِ ما في المُصْحَفِ (p-٣٧٤)لا تَجُوزُ، لِأنَّ المُصْحَفَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، ولا يُعارَضُ الإجْماعُ بِرِوايَةٍ لا يُعْلَمُ كَيْفَ صِحَّتُها، ومَعْنى ”اَلْقَيُّومُ“: اَلْقائِمُ بِتَدْبِيرِ جَمِيعِ ما خَلَقَ، مِن إحْياءٍ، وإنْشاءٍ، ورِزْقٍ، ومَوْتٍ، وأصْلُ ”قَيُّومٌ“: ”قَيْوُومٌ“، إلّا أنَّ الياءَ إذا سَبَقَتِ الواوَ بِسُكُونٍ، قُلِبَتْ لَها الواوُ، وأُدْغِمَتِ الياءُ فِيها، وكَذَلِكَ ”اَلْقَيّامُ“، أصْلُهُ ”اَلْقَيْوامُ“، ومَعْنى ”الكِتابَ“: ما كُتِبَ، يُقالُ لِلْقُرْآنِ: ”كِتابٌ“، لِأنَّهُ يُكْتَبُ، ومَعْنى ”يُكْتَبُ“، في اللُّغَةِ: يُجْمَعُ بَعْضُهُ إلى بَعْضٍ، و”اَلْكُتْبَةُ“، في اللُّغَةِ: اَلْخَرْزَةُ، وجَمْعُها ”كُتُبٌ“، و”اَلْكَتِيبَةُ“: اَلْقِطْعَةُ مِنَ الجَيْشِ العَظِيمَةُ، إنَّما سُمِّيَتْ لِاجْتِماعِ بَعْضِها إلى بَعْضٍ. وَمَعْنى ﴿مُصَدِّقًا لِما بَيْنَ يَدَيْهِ﴾ [آل عمران: ٣]، أيْ: لِلْكُتُبِ الَّتِي تَقَدَّمَتْهُ، والرُّسُلِ الَّتِي أتَتْ بِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب