الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿وَأصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالأمْسِ﴾، يَعْنِي الَّذِينَ قالُوا: ﴿يا لَيْتَ لَنا مِثْلَ ما أُوتِيَ قارُونُ﴾ [القصص: ٧٩]، ﴿يَقُولُونَ ويْكَأنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَن يَشاءُ مِن عِبادِهِ ويَقْدِرُ لَوْلا أنْ مَنَّ اللَّهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا ويْكَأنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ﴾، هَذِهِ اللَّفْظَةُ لَفْظَةُ ”وَيْكَ“، قَدْ أشْكَلَتْ عَلى جَماعَةٍ مِن أهْلِ اللُّغَةِ، وجاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّ مَعْناها: ”ألَمْ تَرَ أنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ“، وقالَ بَعْضُهُمْ: مَعْناها: ”أما تَرى أنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ“، وقالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ - وهَذا غَلَطٌ عَظِيمٌ -: إنَّ مَعْناها: ”وَيْلَكَ اعْلَمْ أنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ“، فَحَذَفَ اللّامَ، فَبَقِيَتْ ”وَيْكَ“، وحَذَفَ ”اِعْلَمْ أنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ“، وهَذا خَطَأٌ مِن غَيْرِ جِهَةٍ، لَوْ كانَ كَما قالَ لَكانَتْ ”أنَّ“، مَكْسُورَةً، كَما تَقُولُ: ”وَيْلَكَ إنَّهُ قَدْ كانَ كَذا وكَذا“، ومِن جِهَةٍ أُخْرى أنْ يُقالَ لِمَن خاطَبَ القَوْمَ بِهَذا (p-١٥٧)فَقالُوا: ”وَيْلَكَ إنَّهُ لا يُفْلِحُ الكافِرُونَ“، ومِن جِهَةٍ أُخْرى أنَّهُ حَذَفَ اللّامَ مِن ”وَيْلَ“، والقَوْلُ الصَّحِيحُ في هَذا ما ذَكَرَهُ سِيبَوَيْهِ عَنِ الخَلِيلِ، ويُونُسَ، قالَ: سَألْتُ عَنْها الخَلِيلَ، فَزَعَمَ أنَّها ”وَيْ“، مَفْصُولَةٌ مِن ”كَأنَّ“، وأنَّ القَوْمَ تَنَبَّهُوا فَقالُوا: ”وَيْ“، مُتَنَدِّمِينَ عَلى ما سَلَفَ مِنهُمْ، وكُلُّ مَن تَنَدَّمَ أوْ نَدِمَ، فَإظْهارُ تَنَدُّمِهِ ونَدامَتِهِ أنْ يَقُولَ: ”وَيْ“، كَما تُعاتِبُ الرَّجُلَ عَلى ما سَلَفَ مِنهُ، فَقَوْلُ: ”وَيْ“، كَأنَّكَ قَصَدْتَ: مَكْرُوهِي، فَحَقِيقَةُ الوَقْفِ عَلَيْها ”وَيْ“، وهو أجْوَدُ في الكَلامِ، ومَعْناهُ التَّنْبِيهُ والتَّنَدُّمُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎سَألَتانِي الطَّلاقَ إذْ رَأتانِي ∗∗∗ قَلَّ مالِي قَدْ جِئْتُما فِيَّ بِنُكْرِ ؎وَيْ كَأنْ مَن يَكُنْ لَهُ نَشَبٌ يُحْـ ∗∗∗ ـبَبْ ومَن يَفْتَقِرْ يَعِشْ عَيْشَ ضُرِّ؟! فَهَذا تَفْسِيرُ الخَلِيلِ، وهو مُشاكِلٌ لِما جاءَ في التَّفْسِيرِ، لِأنَّ قَوْلَ المُفَسِّرِينَ: هو تَنْبِيهٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب