الباحث القرآني

(p-٦٢)وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَما أرْسَلْنا قَبْلَكَ مِنَ المُرْسَلِينَ إلا إنَّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ ويَمْشُونَ في الأسْواقِ﴾، هَذا احْتِجاجٌ عَلَيْهِمْ في قَوْلِهِمْ: ﴿مالِ هَذا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ ويَمْشِي في الأسْواقِ﴾ [الفرقان: ٧]، فَقِيلَ لَهُمْ: ”كَذَلِكَ كانَ مَن خَلا مِنَ الرُّسُلِ، يَأْكُلُ الطَّعامَ، ويَمْشِي في الأسْواقِ، فَكَيْفَ يَكُونُ مُحَمَّدٌ ﷺ بِدْعًا مِنَ الرُّسُلِ؟“، فَأمّا دُخُولُ ”إنَّهم“، بَعْدَ ”إلّا“، فَهو عَلى تَأْوِيلِ: ”ما أرْسَلْنا رُسُلًا إلّا هم يَأْكُلُونَ الطَّعامَ، وإلّا إنَّهم لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ“، وحُذِفَتْ رُسُلًا لِأنَّ ”مِن“، في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿مِنَ المُرْسَلِينَ﴾، دَلِيلٌ عَلى ما حُذِفَ مِنهُ، فَأمّا مِثْلُ اللّامِ بَعْدَ ”إلّا“، فَقَوْلُ الشّاعِرِ: ؎ما أنْطَيانِي ولا سَألْتُهُما ∗∗∗ إلّا وإنِّي لَحاجِزٌ كَرَمِي يُرِيدُ: ”أعْطَيانِي“، وزَعَمَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ أنَّ ”مَن“، بَعْدَ ”إلّا“، مَحْذُوفَةٌ، كَأنَّ المَعْنى عِنْدَهُ: ”إلّا مَن لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ“، وهَذا خَطَأٌ بَيِّنٌ، لِأنَّ ”مَن“، صِلَتُها ”إنَّهم لَيَأْكُلُونَ“، فَلا يَجُوزُ حَذْفُ المَوْصُولِ، وتَبْقِيَةُ الصِّلَةِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَجَعَلْنا بَعْضَكم لِبَعْضٍ فِتْنَةً﴾، فِيهِ قَوْلانِ، قِيلَ: كانَ الرَّجُلُ الشَّرِيفُ رُبَّما أرادَ الإسْلامَ، فَعَلِمَ أنَّ مَن دُونَهُ في الشَّرَفِ قَدْ أسْلَمَ قَبْلَهُ، فَيَمْتَنِعُ مِنَ الإسْلامِ، لِئَلّا يُقالُ أسْلَمَ قَبْلَهُ مَن هو دُونَهُ، وقِيلَ: كانَ الفَقِيرُ يَقُولُ: لِمَ لَمْ أُجْعَلْ بِمَنزِلَةِ الغَنِيِّ؟! ويَقُولُ ذُو البَلاءِ: لِمَ لَمْ أُجْعَلْ بِمَنزِلَةِ المُعافى؟! نَحْوَ الأعْمى، والزَّمِنِ، ومَن أشْبَهَ هَؤُلاءِ، وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿أتَصْبِرُونَ وكانَ رَبُّكَ بَصِيرًا﴾، (p-٦٣)أيْ: أتَصْبِرُونَ عَلى البَلاءِ؟ فَقَدْ عُرِّفْتُمْ ما وُعِدَ الصّابِرُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب