الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أنْ نَتَّخِذَ مِن دُونِكَ مِن أوْلِياءَ﴾، لَمّا سُئِلَتِ المَلائِكَةُ، فَقِيلَ: ﴿أأنْتُمْ أضْلَلْتُمْ عِبادِي هَؤُلاءِ أمْ هم ضَلُّوا السَّبِيلَ﴾ [الفرقان: ١٧]، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ الخِطابُ لِعِيسى، والعُزَيْرِ، وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ المَدَنِيُّ وحْدَهُ: ”قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أنْ نُتَّخَذَ مِن دُونِكَ مِن أوْلِياءَ“، بِضَمِّ النُّونِ، عَلى ما لَمْ يُسَمَّ فاعِلُهُ، وهَذِهِ القِراءَةُ عِنْدَ أكْثَرِ النَّحْوِيِّينَ خَطَأٌ، وإنَّما كانَتْ خَطَأً لِأنَّ ”مِن“، إنَّما يَدْخُلُ في هَذا البابِ في الأسْماءِ، إذا كانَتْ مَفْعُولَةً أوَّلًا، ولا تَدْخُلُ عَلى مَفْعُولِ الحالِ، تَقُولُ: ”ما اتَّخَذْتُ مِن أحَدٍ ولِيًّا“، ولا يَجُوزُ ”ما اتَّخَذْتُ أحَدًا مِن ولِيٍّ“، لِأنَّ ”مِن“، إنَّما دَخَلَتْ لِأنَّها تَنْفِي واحِدًا في مَعْنى (p-٦١)جَمِيعٍ، تَقُولُ: ”ما مِن أحَدٍ قائِمًا“، و”ما مِن رَجُلٍ مُحِبًّا لِما يَضُرُّهُ“، ولا يَجُوزُ ”ما رَجُلٌ مِن مُحِبٍّ ما يَضُرُّهُ“، ولا وجْهَ لِهَذِهِ القِراءَةِ، إلّا أنَّ الفَرّاءَ أجازَها عَلى ضَعْفٍ، وزَعَمَ أنَّهُ يَجْعَلُ ”مِن أوْلِياءَ“، هو الِاسْمَ، ويَجْعَلُ الخَبَرَ ما في ”نُتَّخَذَ“، كَأنَّهُ يُجْعَلُ عَلى القَلْبِ، ولا وجْهَ عِنْدَنا لِهَذا البَتَّةَ، لَوْ جازَ هَذا لَجازَ في ﴿فَما مِنكم مِن أحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ﴾ [الحاقة: ٤٧]، ”ما أحَدٌ عَنْهُ مِن حاجِزِينَ“، وهَذا خَطَأٌ، لا وجْهَ لَهُ، فاعْرِفْهُ، فَإنَّ مَعْرِفَةَ الخَطَإ فِيهِ أمْثَلُ مِنَ القِراءَةِ، والقُرّاءُ كُلُّهم يُخالِفُونَ هَذا مِنهُ، ومِنَ الغَلَطِ في قِراءَةِ الحَسَنِ: ”وَما تَنَزَّلَتْ بِهِ الشَّياطُونَ“ . وَقَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكانُوا قَوْمًا بُورًا﴾، قِيلَ في التَّفْسِيرِ: ”هَلْكى“، و”اَلْبائِرُ“، في اللُّغَةِ: اَلْفاسِدُ، والَّذِي لا خَيْرَ فِيهِ، وكَذَلِكَ ”أرْضٌ بائِرَةٌ“، مَتْرُوكَةٌ مِن أنْ يُزْرَعَ فِيها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب