الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَقالُوا لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾، ”تَمَسَّنا“، نُصِبَ بِـ”لَنْ“، وقَدِ اخْتَلَفَ النَّحْوِيُّونَ في عِلَّةِ النَّصْبِ بِـ”لَنْ“، فَرُوِيَ عَنِ الخَلِيلِ قَوْلانِ، أحَدُهُما أنَّها نَصَبَتْ كَما نَصَبَتْ ”أنْ“، ولَيْسَ ما بَعْدَها بِصِلَةٍ لَها، لِأنَّ ”لَنْ يَفْعَلَ“، نَفْيُ ”سَيَفْعَلُ“، فَقَدَّمَ ما بَعْدَها عَلَيْها، نَحْوَ قَوْلِكَ: ”زَيْدًا لَنْ أضْرِبَ“، (p-١٦١)كَما تَقُولُ: ”زَيْدًا لَمْ أضْرِبْ“، وقَدْ رَوى سِيبَوَيْهِ عَنْ بَعْضِ أصْحابِ الخَلِيلِ، عَنِ الخَلِيلِ أنَّهُ قالَ: اَلْأصْلُ في ”لَنْ“: ”لا أنْ“، ولَكِنَّ الحَذْفَ وقَعَ اسْتِخْفافًا، وزَعَمَ سِيبَوَيْهِ أنَّ هَذا لَيْسَ بِجَيِّدٍ، لَوْ كانَ كَذَلِكَ لَمْ يَجُزْ ”زَيْدًا لَنْ أضْرِبَ“، وعَلى مَذْهَبِ سِيبَوَيْهِ جَمِيعُ النَّحْوِيِّينَ، وقَدْ حَكى هِشامٌ عَنِ الكِسائِيِّ في ”لَنْ“، مِثْلَ هَذا القَوْلِ الشّاذِّ عَنِ الخَلِيلِ، ولَمْ يَأْخُذْ بِهِ سِيبَوَيْهِ، ولا أصْحابُهُ، ومَعْنى ”أيّامًا مَعْدُودَةً“: قالُوا: إنَّما نُعَذَّبُ لِأنَّنا عَبَدْنا العِجْلَ أيّامًا، قِيلَ في عَدَدِها قَوْلانِ، قِيلَ: سَبْعَةُ أيّامٍ، وقِيلَ: أرْبَعُونَ يَوْمًا، وهَذِهِ الحِكايَةُ عَنِ اليَهُودِ، هُمُ الَّذِينَ قالُوا: ”﴿لَنْ تَمَسَّنا النّارُ إلا أيّامًا مَعْدُودَةً﴾“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿قُلْ أتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾، بِقَطْعِ الألِفِ، هي تُقْرَأُ عَلى ضَرْبَيْنِ: ”أتَّخَذْتُمْ“، بِتَبْيِينِ الذّالِ، و”أتَّخَتُّمْ“، بَإدْغامِ الذّالِ في التّاءِ، والألِفُ قَطْعٌ، لِأنَّها ألِفُ اسْتِفْهامٍ، وتَقْرِيرٍ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا﴾، اَلْمَعْنى: عَهِدَ اللَّهُ إلَيْكم في أنَّهُ لا يُعَذِّبُكم إلّا هَذا المِقْدارَ؟ وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ﴾، أيْ: إنْ حانَ لَكم عَهْدٌ فَلَنْ يُخْلِفَهُ اللَّهُ، أمْ تَقُولُونَ عَلى اللَّهِ ما لا تَعْلَمُونَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب