الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لا ذَلُولٌ تُثِيرُ الأرْضَ ولا تَسْقِي الحَرْثَ﴾، مَعْناهُ: لَيْسَتْ بِذَلُولٍ، ولا مُثِيرَةٍ، وقَوْلُهُ: ”وَلا تَسْقِي الحَرْثَ“، يُقالُ: ”سَقَيْتُهُ“، إذا ناوَلْتُهُ، فَشَرِبَ، و”أسْقَيْتُهُ“، جَعَلْتُ لَهُ سَقْيًا، فَيَصِحُّ هَهُنا: ”وَلا تُسْقِي“، بِالضَّمِّ. وَقَوْلُهُ: ﴿لا شِيَةَ فِيها﴾، أيْ: لَيْسَ فِيها لَوْنٌ يُفارِقُ لَوْنَها، و”اَلْوَشْيُ“، في اللُّغَةِ: خَلْطُ لَوْنٍ بِلَوْنٍ، وكَذَلِكَ في الكَلامِ، يُقالُ: ”وَشَّيْتُ الثَّوْبَ، أشِيهِ، شِيَةً، ووَشْيًا“، كَقَوْلِكَ: ”وَدَيْتُ فُلانًا، أدِيهِ، دِيَةً“، ونَصْبُ ”لا شِيَةَ فِيها“، عَلى النَّفْيِ، ولَوْ قُرِئَ: ”لا شِيَةٌ فِيها“، لَجازَ، ولَكِنَّ القِراءَةَ بِالنَّصْبِ. وَقَوْلُهُ: ﴿الآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ﴾، فِيهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ، حَكى بَعْضَها الأخْفَشَ: فَأجْوَدُها: ”قالُوا الآنَ“، بِإسْكانِ اللّامِ، وحَذْفِ الواوِ مِنَ اللَّفْظِ، وزَعَمَ الأخْفَشُ أنَّهُ يَجُوزُ قَطْعُ ألِفِ الوَصْلِ هَهُنا، فَيَقُولُ: ”قالُوا ألْآنَ جِئْتَ بِالحَقِّ“، وهَذِهِ رِوايَةٌ، ولَيْسَ لَهُ وجْهٌ في القِياسِ، ولا هي عِنْدِي جائِزٌ، ولَكِنْ فِيها وجْهانِ غَيْرُ هَذَيْنِ الوَجْهَيْنِ، وهُما جَيِّدانِ في العَرَبِيَّةِ، يَجُوزُ: ”قالُوا لانَ“، عَلى إلْقاءِ الهَمْزَةِ، وفَتْحِ اللّامِ مِن ”اَلْآنَ“، وتَرْكِ (p-١٥٣)الواوِ مَحْذُوفَةً لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ولا يُعْتَدُّ بِفَتْحَةِ اللّامِ، ويَجُوزُ: ”قالُوا لانَ جِيتَ بِالحَقِّ“، ولا أعْلَمُ أحَدًا قَرَأ بِها، فَلا يُقْرَأنَّ بِحَرْفٍ لَمْ يُقْرَأْ بِهِ، وإنْ كانَ ثابِتًا في العَرَبِيَّةِ، والَّذِينَ أظْهَرُوا الواوَ أظْهَرُوها لِحَرَكَةِ اللّامِ، لِأنَّهم كانُوا حَذَفُوها لِسُكُونِها، فَلَمّا تَحَرَّكَتْ رَدُّوها، والأجْوَدُ في العَرَبِيَّةِ حَذْفُها، لِأنَّهُ قُرِئَ بِهِ، تَقُولُ: ”اَلْأحْمَرُ“، ويُلْقُونَ الهَمْزَةَ، فَيَقُولُونَ: ”اَلَحْمَرُ“، فَيَفْتَحُونَ اللّامَ، ويُقِرُّونَ ألِفَ الوَصْلِ، لِأنَّ اللّامَ في نِيَّةِ السُّكُونِ، وبَعْضُهم يَقُولُ: ”لَحْمَرُ“، ولا يُقِرُّ ألِفَ الوَصْلِ، يُرِيدُ: ”اَلْأحْمَرُ“، فَأمّا نَصْبُ ”اَلْآنَ“، فَهي حَرَكَةٌ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ألا تَرى أنَّكَ تَقُولُ: ”أنا الآنَ أُكْرِمُكَ“، و”مِنَ الآنَ فَعَلْتُ كَذا وكَذا“، وإنَّما كانَ في الأصْلِ مَبْنِيًّا، وحُرِّكَ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، وبُنِيَ ”اَلْآنَ“، وفِيهِ الألِفُ واللّامُ، لِأنَّ الألِفَ واللّامَ دَخَلَتا بِعَهْدٍ غَيْرِ مُتَقَدِّمٍ، إنَّما تَقُولُ: ”اَلْغُلامُ فَعَلَ كَذا“، إذا عَهِدْتَهُ أنْتَ ومُخاطَبُكَ، وهَذِهِ الألِفُ واللّامُ تَنُوبانِ عَنْ مَعْنى الإشارَةِ، المَعْنى: أنْتَ إلى هَذا الوَقْتِ تَفْعَلُ، فَلَمْ يُعْرَبْ ”اَلْآنَ“، كَما لا يُعْرَبُ ”هَذا“ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب