الباحث القرآني

قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا في سَبِيلِ اللَّهِ﴾، ”فُقَراءُ“: جَمْعُ ”فَقِيرٌ“، مِثْلَ ”ظَرِيفٌ“، و”ظُرَفاءُ“، وقالُوا في ”أُحْصِرُوا“، قَوْلَيْنِ: قالُوا أحْصَرَهم فَرْضُ الجِهادِ، فَمَنَعَهم مِنَ التَّصَرُّفِ، وقالُوا: أحْصَرَهم عَدُوُّهُمْ، لِأنَّهُ شَغَلَهم بِجِهادِهِ، ومَعْنى ”أُحْصِرُوا“: صارُوا إلى أنْ حَصَرُوا أنْفُسَهم لِلْجِهادِ، كَما تَقُولُ: ”رابَطَ في سَبِيلِ اللَّهِ“، ومَعْنى: ﴿لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْبًا في الأرْضِ﴾ (p-٣٥٧)أيْ: قَدْ ألْزَمُوا أنْفُسَهم أمْرَ الجِهادِ، فَمَنَعَهم ذَلِكَ مِنَ التَّصَرُّفِ، ولَيْسَ لِأنَّهم لا يَقْدِرُونَ أنْ يَتَصَرَّفُوا، وهَذا كَقَوْلِكَ: ”أمَرَنِي المَوْلى أنْ أُقِيمَ، فَما أقْدِرُ عَلى أنْ أبْرَحَ“، فالمَعْنى أنِّي قَدْ ألْزَمْتُ نَفْسِي طاعَتَهُ، لَيْسَ أنَّهُ لا يَقْدِرُ عَلى الحَرَكَةِ، وهو صَحِيحٌ سَوِيٌّ، ويُقالُ: ”ضَرَبْتُ في الأرْضِ ضَرْبًا“، و”ضَرَبَ الفَحْلُ النّاقَةَ“، إذا حَمَلَ عَلَيْها ضِرابًا، و”اَلضَّرِيبُ“: اَلْجَلِيدُ الَّذِي يَسْقُطُ عَلى الأرْضِ، يُقالُ: ”ضَرَبَتِ الأرْضُ“، و”جُلِدَتِ الأرْضُ“، و”جَلِدَتِ الأرْضُ“، ورَوى الكِسائِيُّ: ”ضَرِبَتِ الأرْضُ“، و”جَلِدَتْ“، والأكْثَرُ ”ضَرَبَتْ“، و”جُلِدَتْ“ . وَمَعْنى ﴿يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ أغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ﴾، أيْ: يَحْسَبُهُمُ الجاهِلُ، ويَخالُهم أغْنِياءَ، مِنَ التَّعَفُّفِ عَنِ المَسْألَةِ، وإظْهارِ التَّجَمُّلِ. وَمَعْنى: ﴿لا يَسْألُونَ النّاسَ إلْحافًا﴾، رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ أنَّهُ قالَ: ”«مَن سَألَ ولَهُ أرْبَعُونَ دِرْهَمًا، فَقَدْ ألْحَفَ»“، ومَعْنى ”ألْحَفَ“: أيْ: اِشْتَمَلَ بِالمَسْألَةِ، وهو مُسْتَغْنٍ عَنْها، و”اَللِّحافُ“، مِن هَذا اشْتِقاقُهُ، لِأنَّهُ يَشْمَلُ الإنْسانَ في التَّغْطِيَةِ، والمَعْنى أنَّهُ لَيْسَ مِنهم سُؤالٌ، فَيَكُونَ مِنهم إلْحافٌ، كَما قالَ امْرُؤُ القَيْسِ: ؎عَلى لاحِبٍ لا يُهْتَدى بِمَنارِهِ ∗∗∗ إذا سافَهُ العَوْدُ الدَّيافِيَّ جَرْجَرا اَلْمَعْنى: لَيْسَ بِهِ مَنارٌ فَيُهْتَدى بِها، وكَذَلِكَ لَيْسَ مِن هَؤُلاءِ سُؤالٌ فَيَقَعَ فِيهِ إلْحافٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب