الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَلا تَعْضُلُوهُنَّ أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنَّ﴾، هَذا مُخاطَبَةٌ لِلْأوْلِياءِ، وفي هَذا دَلِيلٌ أنَّ أمْرَ الأوْلِياءِ بَيِّنٌ، لِأنَّ المُطَلَّقَةَ الَّتِي تُراجَعُ إنَّما هي مالِكَةٌ بُضْعَها، إلّا أنَّ الوَلِيَّ لا بُدَّ مِنهُ، ومَعْنى ”تَعْضُلوهُنَّ“: تَمْنَعُوهُنَّ، وتَحْبِسُوهُنَّ مِن أنْ يَنْكِحْنَ أزْواجَهُنَّ، والأصْلُ في هَذا - فِيما رُوِيَ - «أنَّ مَعْقِلَ بْنَ يَسارٍ طَلَّقَ أُخْتَهُ زَوْجُها، (p-٣١١)فَأبى مَعْقِلُ بْنُ يَسارٍ أنَّ يُزَوِّجَها إيّاهُ، ومَنَعَها بِحَقِّ الوَلايَةِ مِن ذَلِكَ، فَلَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ تَلاها عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، فَقالَ مَعْقِلٌ: رَغِمَ أنْفِي لِأمْرِ اللَّهِ،» وأصْلُ ”اَلْعَضْلُ“، مِن قَوْلِهِمْ: ”عَضَلَتِ الدَّجاجَةُ، فَهي مُعْضَلٌ“، إذا احْتَبَسَ بَيْضُها، ونَشَبَ، فَلَمْ يَخْرُجْ، ويُقالُ: ”عَضَلَتِ النّاقَةُ أيْضًا، فَهي مُعْضَلٌ“، إذا احْتَبَسَ ما في بَطْنِها. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَن كانَ مِنكم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾، أيْ: بِأمْرِ اللَّهِ، الَّذِي تَلا عَلَيْكُمْ، ”يُوعَظُ بِهِ مَن كانَ مِنكم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ“، أيْ: مَن صَدَّقَ بِأمْرِ اللَّهِ، ووَعِيدِهِ، والبَعْثِ، وأطاعَ اللَّهَ في هَذِهِ الحُدُودِ، وقالَ: ”ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ“، وهو يُخاطِبُ جَمِيعًا، وقَدْ شَرَحْنا القَوْلَ فِيهِ فِيما تَقَدَّمَ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: إنَّهُ تُوُهِّمَ أنَّ ”ذا“، مَعَ المَعارِفِ كَلِمَةٌ واحِدَةٌ، ولا أدْرِي مَن غَيْرُ قائِلِ هَذا بِهَذا التَّوَهُّمِ، اللَّهُ خاطَبَ العَرَبَ بِما يَعْقِلُونَهُ، وخاطَبَهم بِأفْصَحِ اللُّغاتِ، ولَيْسَ في القُرْآنِ تَوَهُّمٌ، تَعالى اللَّهُ عَنْ هَذا، وإنَّما حَقِيقَةُ ”ذَلِكَ“، و”ذَلِكم“، مُخاطَبَةُ الجَمِيعِ، فالجَمِيعُ لَفْظُهُ لَفْظٌ واحِدٌ، فالمَعْنى: ”ذَلِكَ أيُّها القَبِيلُ يُوعَظُ بِهِ مَن كانَ مِنكم يُؤْمِنُ بِاللَّهِ“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ - بَعْدَ هَذا -: ﴿ذَلِكم أزْكى لَكم وأطْهَرُ﴾، يَدُلُّ عَلى أنَّ ”ذَلِكَ“، و”ذَلِكم“، مُخاطَبَةٌ لِلْجَماعَةِ، ومَعْنى ﴿واللَّهُ يَعْلَمُ وأنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ﴾ أيْ: اَللَّهُ يَعْلَمُ ما لَكَمَ فِيهِ الصَّلاحُ في العاجِلِ، والآجِلِ، وأنْتُمْ غَيْرُ عالِمِينَ إلّا بِما أعْلَمَكم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب