الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِسائِهِمْ تَرَبُّصُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ﴾، مَعْنى ”يُؤْلُونَ“: يَحْلِفُونَ، ومَعْناهُ في هَذا المَوْضِعِ أنَّ الرَّجُلَ كانَ لا يُرِيدُ (p-٣٠١)المَرْأةَ، فَيَحْلِفُ ألّا يَقْرَبَها أبَدًا، ولا يُحِبَّ أنْ يُزَوِّجَها غَيْرَهُ، فَكانَ يَتْرُكُها، لا أيِّمًا، ولا ذاتَ زَوْجٍ، كانُوا يَفْعَلُونَ ذَلِكَ في الجاهِلِيَّةِ، والإسْلامِ، فَجَعَلَ اللَّهُ الأجَلَ الَّذِي يُعْلَمُ بِهِ ما عِنْدَ الرَّجُلِ في المَرْأةِ آخِرَ مَداهُ نِهايَةُ أرْبَعَةِ أشْهُرٍ، فَإذا تَمَّتْ أرْبَعَةُ أشْهُرٍ، ثُمَّ لَمْ يَفِئِ الرَّجُلُ إلى امْرَأتِهِ، أيْ: لَمْ يَرْجِعْ إلَيْها، فَإنَّ امْرَأتَهُ بَعْدَ الأرْبَعَةِ - في قَوْلِ بَعْضِهِمْ - قَدْ بانَتْ مِنهُ، ذَكَرَ الطَّلاقَ بِلِسانِهِ أمْ لَمْ يَذْكُرْهُ، وقالَ قَوْمٌ: يُؤْخَذُ بَعْدَ الأرْبَعَةِ بِأنْ يُطَلِّقَ أوْ يَفِيءَ، ويُقالُ: ”آلَيْتُ، أُولِي، إيلاءً، وألِيَّةً، وأُلُوَّةً، وإلِوَّةً، وإيَلًا“، والكَسْرُ أقَلُّ اللُّغاتِ، ومَعْنى التَّرَبُّصِ في اللُّغَةِ: اَلِانْتِظارُ، وقالَ الَّذِينَ احْتَجُّوا بِأنَّهُ لا بُدَّ أنْ يَذْكُرَ الطَّلاقَ بِقَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٧]، وقالُوا: ”سَمِيعٌ“، يَدُلُّ عَلى أنَّهُ اسْتِماعُ الطَّلاقِ في هَذا المَوْضِعِ، وهَذا في اللُّغَةِ غَيْرُ مُمْتَنِعٍ، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ إنَّما ذُكِرَ ”سَمِيعٌ“، هَهُنا مِن أجْلِ حَلِفِهِ، أيْ: اَللَّهُ قَدْ سَمِعَ حَلِفَهُ، وعَلِمَ ما أرادَهُ، وكِلا الوَجْهَيْنِ في اللُّغَةِ مُحْتَمَلٌ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب