الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلَكِنْ يُؤاخِذُكم بِما كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ﴾، أيْ: بِعَزْمِكم عَلى ألّا تَبَرُّوا، وألّا تَتَّقُوا، وأنْ تَعْتَلُّوا في ذَلِكَ بِأنَّكم قَدْ حَلَفْتُمْ، ويُقالُ: ”لَغَوْتُ، ألْغُو، لَغْوًا“، و”لَغَوْتُ ألْغى، لَغْوًا“، مِثْلَ: ”مَحَوْتُ، أمْحُو، مَحْوًا“، و”أمْحى“، ويُقالُ: ”لَغَيْتُ في الكَلامِ، ألْغى، لَغًى“، إذا أتَيْتُ بِلَغْوٍ، وكُلُّ ما لا خَيْرَ فِيهِ مِمّا يُؤْثَمُ فِيهِ، أوْ يَكُونُ غَيْرَ مُحْتاجٍ إلَيْهِ في الكَلامِ، فَهو لَغْوٌ، ولَغًى "، قالَ العَجّاجُ: عَنِ اللَّغا ورَفَثِ التَّكَلُّمِ وَجُمْلَةُ الحَلِفِ أنَّهُ عَلى أرْبَعَةِ أوْجُهٍ، فَوَجْهانِ مِنها الفُقَهاءُ يُجْمِعُونَ أنَّ (p-٣٠٠)الكَفّارَةَ فِيهِما واجِبَةٌ، وهو قَوْلُكَ: ”واللَّهِ لا أفْعَلُ“، أوْ ”واللَّهِ لَأفْعَلَنَّ“، فَفي هاتَيْنِ الكَفّارَةُ، إذا آثَرَ أنْ يُخالِفَ ما حَلَفَ عَلَيْهِ، إذا رَأى غَيْرَهُ خَيْرًا مِنهُ، فَهَذا فِيهِ الكَفّارَةُ لا مَحالَةَ، ووَجْهانِ أكْثَرُ الفُقَهاءِ لا يَرَوْنَ فِيهِما الكَفّارَةَ، وهُما قَوْلُكَ: ”واللَّهِ ما قَدْ فَعَلْتُ“، وقَدْ فَعَلَ، أوْ ”واللَّهِ لَقَدْ فَعَلْتُ“، ولَمْ يَفْعَلْ، فَهَذا هو كَذِبٌ أكَّدَهُ بِيَمِينٍ، فَيَنْبَغِي أنْ يَسْتَغْفِرَ اللَّهَ مِنهُ، فَهَذا جُمْلَةُ ما في اليَمِينِ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَوْضِعُ ”أنْ“، رَفْعًا، فَيَكُونَ المَعْنى: ”وَلا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأيْمانِكم أنْ تَبَرُّوا وتَتَّقُوا وتُصْلِحُوا أوْلى“، أيْ: اَلْبِرُّ والتُّقى أوْلى، ويَكُونَ ”أوْلى“، مَحْذُوفًا، كَما جاءَ حَذْفُ أشْياءَ في القُرْآنِ، لِأنَّ في الكَلامِ دَلِيلًا عَلَيْها، يُشْبِهُ هَذا مِنهُ: ﴿طاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ﴾ [محمد: ٢١]، أيْ: طاعَةٌ وقَوْلٌ مَعْرُوفٌ أمْثَلُ، والنَّصْبُ في ”أنْ“، والجَرُّ، مَذْهَبُ النَّحْوِيِّينَ، ولا أعْلَمُ أحَدًا مِنهم ذَكَرَ هَذا المَذْهَبَ، ونَحْنُ نَخْتارُ ما قالُوهُ، لِأنَّهُ جَيِّدٌ، ولِأنَّ الِاتِّباعَ أحَبُّ، وإنْ كانَ غَيْرُهُ جائِزًا. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿واللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾ [البقرة: ٢٢٤]، مَعْناهُ في هَذا المَوْضِعِ: يَسْمَعُ أيْمانَكُمْ، ويَعْلَمُ ما تَقْصِدُونَ بِها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب