الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتالُ وهو كُرْهٌ لَكُمْ﴾، مَعْنى ”كُتِبَ عَلَيْكم“: فُرِضَ عَلَيْكُمْ، و”اَلْكُرْهُ“، يُقالُ فِيهِ: ”كَرِهْتُ الشَّيْءَ كُرْهًا، وكَرْهًا، وكَراهَةً، وكَراهِيَةً“، وكُلُّ ما في كِتابِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - مِن ”اَلْكُرْهُ“، فالفَتْحُ جائِزٌ فِيهِ، تَقُولُ: ”اَلْكُرْهُ“، و”اَلْكَرْهُ“، إلّا أنَّ هَذا الحَرْفَ الَّذِي في هَذَهِ الآيَةِ ذَكَرَ أبُو عُبَيْدَةَ أنَّ النّاسَ مُجْمِعُونَ عَلى ضَمِّهِ، كَذَلِكَ قِراءَةُ أهْلِ الحِجازِ، وأهْلِ الكُوفَةِ، جَمِيعًا، ”وَهو كُرْهٌ لَكم“، فَضَمُّوا هَذا الحَرْفَ. (p-٢٨٩)ارْتَفَعَ ”كُرْهٌ“، لِأنَّهُ خَبَرُ الِابْتِداءِ، وتَأْوِيلُهُ: ذُو كُرْهٍ، ومَعْنى كَراهَتِهِمُ القِتالَ أنَّهم إنَّما كَرِهُوهُ عَلى جِنْسِ غِلَظِهِ عَلَيْهِمْ، ومَشَقَّتِهِ، لا أنَّ المُؤْمِنِينَ يَكْرَهُونَ فَرْضَ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - لِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - لا يَفْعَلُ إلّا ما فِيهِ الحِكْمَةُ والصَّلاحُ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَعَسى أنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وهو خَيْرٌ لَكُمْ﴾، ”﴿وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ﴾“، يَعْنِي بِهِ هَهُنا القِتالَ، فَمَعْنى الخَيْرِ فِيهِ أنَّ مَن قُتِلَ فَهو شَهِيدٌ، وهَذا غايَةُ الخَيْرِ، وهو إنْ قَتَلَ مُثابٌ أيْضًا، وهادِمٌ أمْرَ الكُفْرِ، وهو مَعَ ذَلِكَ يَغْنَمُ، وجائِزٌ أنْ يَسْتَدْعِيَ دُخُولَ مَن يُقاتِلُهُ في الإسْلامِ، لِأنَّ أمْرَ قِتالِ أهْلِ الإسْلامِ كُلَّهُ كانَ مِنَ الدَّلالاتِ الَّتِي تُثْبِتُ أمْرَ النُّبُوَّةِ، والإسْلامِ، لِأنَّ اللَّهَ أخْبَرَ أنَّهُ يَنْصُرُ دِينَهُ، ثُمَّ أبانَ النَّصْرَ بِأنَّ العَدَدَ القَلِيلَ يَغْلِبُ العَدَدَ الكَثِيرَ، فَهَذا ما في القِتالِ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي كانُوا كَرِهُوهُ، ومَعْنى: ﴿وَعَسى أنْ تُحِبُّوا شَيْئًا وهو شَرٌّ لَكُمْ﴾، أيْ: عَسى أنْ تُحِبُّوا القُعُودَ عَنِ القِتالِ، فَتُحْرَمُوا ما وصَفَهُ مِنَ الخَيْرِ الَّذِي في القِتالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب