الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿الشَّهْرُ الحَرامُ بِالشَّهْرِ الحَرامِ﴾، ”اَلشَّهْرُ“، رُفِعَ بِالِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ ”بِالشَّهْرِ الحَرامِ“، ومَعْناهُ: قِتالُ الشَّهْرِ الحَرامِ، ويُرْوى أنَّ المُشْرِكِينَ سَألُوا النَّبِيَّ ﷺ عَنِ الشَّهْرِ الحَرامِ، هَلْ فِيهِ قِتالٌ ؟ فَأنْزَلَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ القَتْلَ فِيهِ كَبِيرٌ، أيْ: عَظِيمٌ في الإثْمِ، وإنَّما سَألُوا لِيَغُرُّوا المُسْلِمِينَ، فَإنْ عَلِمُوا أنَّهم لَمْ يُؤْمَرُوا بِقَتْلِهِمْ قاتَلُوهُمْ، فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ القِتالَ فِيهِ مُحَرَّمٌ إلّا أنْ يَبْتَدِئَ المُشْرِكُونَ بِالقِتالِ فِيهِ، فَيُقاتِلَهُمُ المُسْلِمُونَ، فالمَعْنى في قَوْلِهِ: ”اَلشَّهْرُ الحَرامُ“: أيْ: قِتالُ الشَّهْرِ الحَرامِ، أيْ: في الشَّهْرِ الحَرامِ، بِالشَّهْرِ الحَرامِ، وأعْلَمَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ هَذِهِ الحُرُماتِ قِصاصٌ، أيْ: لا يَجُوزُ لِلْمُسْلِمِينَ إلّا قِصاصًا. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكُمْ﴾، (p-٢٦٥)أيْ: مَن ظَلَمَ فَقاتَلَ، فَقَدِ اعْتَدى، فاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ ما اعْتَدى عَلَيْكُمْ، وسُمِّيَ الثّانِي ”اِعْتِداءً“، لِأنَّهُ مُجازاةُ اعْتِداءٍ، فَسُمِّيَ بِمِثْلِ اسْمِهِ، لِأنَّ صُورَةَ الفِعْلَيْنِ واحِدَةٌ، وإنْ كانَ أحَدُهُما طاعَةً والآخَرُ مَعْصِيَةً، والعَرَبُ تَقُولُ: ”ظَلَمَنِي فُلانٌ فَظَلَمْتُهُ“، أيْ: جازَيْتُهُ بِظُلْمِهِ، و”جَهِلَ عَلَيَّ فَجَهِلْتُ عَلَيْهِ“، أيْ: جازَيْتُهُ بِجَهْلِهِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎ألا لا يَجْهَلَنْ أحَدٌ عَلَيْنا ∗∗∗ فَنَجْهَلَ فَوْقَ جَهْلِ الجاهِلِينا أيْ: فَنُكافِئَ عَلى الجَهْلِ بِأكْثَرَ مِن مِقْدارِهِ، وقالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَمَكَرُوا ومَكَرَ اللَّهُ﴾ [آل عمران: ٥٤]، وقالَ: ﴿فَيَسْخَرُونَ مِنهم سَخِرَ اللَّهُ مِنهُمْ﴾ [التوبة: ٧٩]، جَعَلَ اسْمَ مُجازاتِهِمْ ”مَكْرًا“، كَما مَكَرُوا، وجَعَلَ اسْمَ مُجازاتِهِمْ عَلى سُخْرِيَتِهِمْ ”سِخْرِيًّا“، فَكَذَلِكَ: ﴿فَمَنِ اعْتَدى عَلَيْكم فاعْتَدُوا عَلَيْهِ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب