الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا وُجُوهَكم قِبَلَ المَشْرِقِ والمَغْرِبِ﴾، اَلْمَعْنى: ”لَيْسَ البِرُّ كُلُّهُ في الصَّلاةِ، ولَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ... وأقامَ الصَّلاةَ...“، إلى آخِرِ الآيَةِ، فَقِيلَ: إنَّ هَذا خُصُوصٌ في الأنْبِياءِ وحْدَهُمْ، لِأنَّ هَذِهِ الأشْياءِ الَّتِي وُصِفَتْ لا يُؤَدِّيها بِكُلِّيَّتِها عَلى حَقِّ الواجِبِ إلّا الأنْبِياءُ - عَلَيْهِمُ السَّلامُ -، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ لِسائِرِ النّاسِ، لِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - قَدْ أمَرَ الخَلْقَ بِجَمِيعِ ما في هَذِهِ الآيَةِ، ولَكَ في ”اَلْبِرَّ“، وجْهانِ: لَكَ أنْ تَقْرَأ: ”لَيْسَ البِرَّ أنْ تُوَلُّوا“، و”لَيْسَ البِرُّ أنْ تُوَلُّوا“، فَمَن نَصَبَ، جَعَلَ ”أنْ“، مَعَ صِلَتِها الِاسْمَ، فَيَكُونَ المَعْنى: ”لَيْسَ تَوْلِيَتُكم وُجُوهَكُمُ البِرَّ كُلَّهُ“، ومَن رَفَعَ ”اَلْبِرَّ“، فالمَعْنى: ”لَيْسَ البِرُّ كُلُّهُ تَوْلِيَتَكُمْ، فَيَكُونَ“ اَلْبِرُّ ”، اِسْمَ“ لَيْسَ ”، وتَكُونَ“ أنْ تُوَلُّوا "، اَلْخَبَرَ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلَكِنَّ البِرَّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ واليَوْمِ الآخِرِ﴾، إذا شَدَّدْتَ ”لَكِنَّ“، نَصَبْتَ ”اَلْبِرَّ“، وإذا خَفَّفْتَ، رَفَعْتَ ”اَلْبِرَّ“، فَقُلْتَ: ”وَلَكِنِ البِرُّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ“، وكَسَرْتَ النُّونَ، مِنَ التَّخْفِيفِ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، والمَعْنى: ”وَلَكِنَّ ذا البِرِّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ“، ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ: ”وَلَكِنَّ البِرَّ بِرُّ مَن آمَنَ بِاللَّهِ“، كَما قالَ الشّاعِرُ: (p-٢٤٧) ؎وَكَيْفَ تُواصِلُ مَن أصْبَحَتْ ∗∗∗ خِلالَتُهُ كَأبِي مَرْحَبِ اَلْمَعْنى: ”كَخِلالَةِ أبِي مَرْحَبِ“، ومِثْلُهُ: ﴿واسْألِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها﴾ [يوسف: ٨٢]، اَلْمَعْنى: ”واسْألْ أهْلَ القَرْيَةِ“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ إذا عاهَدُوا﴾، في رَفْعِها قَوْلانِ، الأجْوَدُ أنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا عَلى المَدْحِ، لِأنَّ النَّعْتَ إذا طالَ وكَثُرَ، رُفِعَ بَعْضُهُ، ونُصِبَ عَلى المَدْحِ، المَعْنى: ”هُمُ المُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ“، وجائِزٌ أنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلى ”مَن“، اَلْمَعْنى: ”وَلَكِنَّ البِرَّ وذَوِي البِرِّ المُؤْمِنُونَ والمُوفُونَ بِعَهْدِهِمْ“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿والصّابِرِينَ﴾، في نَصْبِها وجْهانِ، أجْوَدُهُما المَدْحُ، كَما وصَفْنا في النَّعْتِ إذا طالَ، المَعْنى: ”أعْنِي الصّابِرِينَ“، قالَ بَعْضُ النَّحْوِيِّينَ: إنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلى ”ذَوِي القُرْبى“، كَأنَّهُ قالَ: ”وَآتى المالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي القُرْبى... والصّابِرِينَ“، وهَذا لا يَصْلُحُ، إلّا أنْ يَكُونَ ”والمُوفُونَ“، رُفِعَ عَلى المَدْحِ لِلْمُضْمَرِينَ، لِأنَّ ”ما“، في الصِّلَةِ لا يُعْطَفُ عَلَيْهِ بَعْدَ المَعْطُوفِ عَلى المَوْصُولِ. وَمَعْنى ”وَحِينَ البَأْسِ“: أيْ: شِدَّةِ الحَرْبِ، يُقالُ: ”قَدْ بَأسَ الرَّجُلُ يَبْأسُ، (p-٢٤٨)بَأْسًا، وباسًا، وبُؤْسًا يا هَذا“، إذا افْتَقَرَ، و”قَدْ بَؤُسَ الرَّجُلَ، يَبْؤُسُ، فَهو بَئِيسٌ“، إذا اشْتَدَّتْ شَجاعَتُهُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب