الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةَ﴾، اَلنَّصْبُ في ”اَلْمَيْتَةَ“، وما عُطِفَ عَلَيْها، هو القِراءَةُ، ونَصْبُهُ لِأنَّهُ مَفْعُولٌ (p-٢٤٣)بِهِ، دَخَلَتْ ”ما“، تَمْنَعُ ”إنَّ“، مِنَ العَمَلِ، ويَلِيها الفِعْلُ، وقَدْ شَرَحْنا دُخُولَ ”ما“، مَعَ ”إنَّ“، ويَجُوزُ: ”إنَّما حَرَّمَ عَلَيْكُمُ المَيْتَةُ“، والَّذِي أخْتارُهُ أنْ يَكُونَ ”ما“، تَمْنَعُ ”إنَّ“، مِنَ العَمَلِ، ويَكُونَ المَعْنى: ”ما حَرَّمَ عَلَيْكم إلّا المَيْتَةَ، والدَّمَ، ولَحْمَ الخِنْزِيرِ“، لِأنَّ ”إنَّما“، تَأْتِي إثْباتًا لِما يُذْكَرُ بَعْدَها لِما سِواهُ، قالَ الشّاعِرُ: ؎أنا الذّائِدُ الحامِي الذِّمارَ وإنَّما ∗∗∗ يُدافِعُ عَنْ أحْسابِهِمْ أنا أوْ مِثْلِي اَلْمَعْنى: ما يُدافِعُ عَنْ أحْسابِهِمْ إلّا أنا، أوْ مِثْلِي، فالِاخْتِيارُ ما عَلَيْهِ جَماعَةُ القُرّاءِ لِاتِّباعِ السُّنَّةِ، وصِحَّتِهِ في المَعْنى. وَمَعْنى ﴿وَما أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللَّهِ﴾، أيْ: ما رُفِعَ فِيهِ الصَّوْتُ بِتَسْمِيَةِ غَيْرِ اللَّهِ عَلَيْهِ، وهَذا مَوْجُودٌ في اللُّغَةِ، ومِنهُ الإهْلالُ بِالحَجِّ، إنَّما هو رَفْعُ الصَّوْتِ بِالتَّلْبِيَةِ، و”اَلْمَيْتَةَ“، أصْلُها: ”اَلْمَيِّتَةَ“، فَحُذِفَتِ الياءُ الثّانِيَةُ اسْتِخْفافًا لِثِقَلِ الياءَيْنِ، والكَسْرَةِ، والأجْوَدُ في القِراءَةِ: ”اَلْمَيْتَةَ“، بِالتَّخْفِيفِ، وكَذَلِكَ في قَوْلِهِ: ﴿أوَمَن كانَ مَيْتًا فَأحْيَيْناهُ﴾ [الأنعام: ١٢٢]، أصْلُهُ: ”أوَمَن كانَ مَيِّتًا“، بِالتَّشْدِيدِ، وتَفْسِيرُ الحَذْفِ والتَّخْفِيفِ فِيهِ كَتَفْسِيرِهِ في ”اَلْمَيْتَةَ“ . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ﴾، في تَفْسِيرِها ومَعْناها ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: قالَ بَعْضُهُمْ: ”فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ ولا عادٍ“، أيْ: فَمَنِ اضْطُرَّ جائِعًا غَيْرَ باغٍ، غَيْرَ آكِلِها تَلَذُّذًا، ولا عادٍ، ولا مُجاوِزٍ ما يَدْفَعُ عَنْ نَفْسِهِ الجُوعَ، فَلا إثْمَ عَلَيْهِ. (p-٢٤٤)وَقالُوا: ”غَيْرَ باغٍ“: غَيْرَ مُجاوِزٍ قَدْرَ حاجَتِهِ، وغَيْرَ مُقَصِّرٍ عَمّا يُقِيمُ بِهِ حَياتَهُ، وقالُوا أيْضًا: مَعْنى ”غَيْرَ باغٍ“: عَلى إمامٍ، وغَيْرَ مُتَعَدٍّ عَلى أُمَّتِهِ، ومَعْنى ”اَلْبَغْيُ“، في اللُّغَةِ: قَصْدُ الفَسادِ، يُقالُ: ”بَغى الجُرْحُ، يَبْغِي، بَغْيًا“، إذا تَرامى إلى فَسادٍ، هَذا إجْماعُ أهْلِ اللُّغَةِ، تَقُولُ: ويُقالُ: ”بَغى الرَّجُلُ حاجَتَهُ، يَبْغِيها، بِغاءً“، والعَرَبُ تَقُولُ: ”خَرَجَ في بِغاءِ إبِلِهِ“، قالَ الشّاعِرُ: لا يَمْنَعَنَّكَ مِن بِغاءِ الخَيْرِ تَعْقادُ التَّمائِمْ إنَّ الأشائِمَ كالأيامِنِ والأيامِنَ كالأشائِمْ وَيُقالُ: ”بَغَتِ المَرْأةُ، تَبْغِي، بِغاءً“، إذا فَجَرَتْ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلا تُكْرِهُوا فَتَياتِكم عَلى البِغاءِ إنْ أرَدْنَ تَحَصُّنًا﴾ [النور: ٣٣]، أيْ: عَلى الفُجُورِ، ويُقالُ: ”اِبْتَغى لِفُلانٍ أنْ يَفْعَلَ كَذا“، أيْ: صَلُحَ لَهُ أنْ يَفْعَلَ كَذا، وكَأنَّهُ قالَ: ”طَلَبَ فِعْلَ كَذا فانْطَلَبَ لَهُ“، أيْ: طاوَعَهُ، ولَكِنِ اجْتُزِئَ بِقَوْلِهِمْ: ”اِبْتَغى“، و”اَلْبَغايا“، في اللُّغَةِ، شَيْئانِ، ”اَلْبَغايا“: اَلْفَواجِرُ، و”اَلْبَغايا“: اَلْإماءُ، قالَ الأعْشى: ؎والبَغايا يَرْكُضْنَ أكْسِيَةَ الأ ∗∗∗ ضْرِيجِ والشَّرْعَبِيَّ ذا الأذْيالِ وَنُصِبَ ”غَيْرَ باغٍ“، عَلى الحالِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب