الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالهُدى﴾، ”أُولَئِكَ“، مَوْضِعُهُ رَفْعٌ بِالِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ ”اَلَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ“، وقَدْ فَسَّرْنا واوَ ”اِشْتَرَوْا“، وكَسْرَتَها، فَأمّا مَن يُبْدِلُ مِنَ الضَّمَّةِ هَمْزَةً، فَيَقُولُ: ”اِشْتَرَؤُ الضَّلالَةَ“، فَغالِطٌ، لِأنَّ الواوَ المَضْمُومَةَ الَّتِي تُبْدَلُ مِنها هَمْزَةٌ إنَّما يُفْعَلُ بِها ذَلِكَ إذا لَزِمَتْ صِفَتُها، نَحْوَ قَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَإذا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ﴾ [المرسلات: ١١]، إنَّما الأصْلُ: ”وُقِّتَتْ“، وكَذَلِكَ ”أدْؤُرٌ“، إنَّما أصْلُها: ”أدْوُرٌ“، وضَمَّةُ الواوِ في قَوْلِهِ: ”اِشْتَرَوُا الضَّلالَةَ“، (p-٩٢)إنَّما هي لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ومِثْلُهُ: ﴿لَتُبْلَوُنَّ في أمْوالِكم وأنْفُسِكُمْ﴾ [آل عمران: ١٨٦]، لا يَنْبَغِي أنْ تُهْمَزَ الواوُ فِيهِ. وَمَعْنى الكَلامِ أنَّ كُلَّ مَن تَرَكَ شَيْئًا، وتَمَسَّكَ بِغَيْرِهِ، فالعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي تَمَسَّكَ بِهِ: ”قَدِ اشْتَراهُ“، ولَيْسَ ثَمَّ شِراءٌ، ولا بَيْعٌ، ولَكِنَّ رَغْبَتَهُ فِيهِ بِتَمَسُّكِهِ بِهِ، كَرَغْبَةِ المُشْتَرِي بِمالِهِ ما يَرْغَبُ فِيهِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎أخَذْتُ بِالجُمَّةِ رَأْسًا أزْعَرا ∗∗∗ وبِالثَّنايا الواضِحاتِ الدَّرْدَرا ؎وَبِالطَّوِيلِ العُمْرِ عُمْرًا أقْصَرا ∗∗∗ كَما اشْتَرى الكافِرُ إذْ تَنَصَّرا وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ﴾، مَعْناهُ: فَما رَبِحُوا في تِجارَتِهِمْ، لِأنَّ التِّجارَةَ لا تَرْبَحُ، وإنَّما يُرْبَحُ فِيها، ويُوضَعُ فِيها، والعَرَبُ تَقُولُ: ”قَدْ خَسِرَ بَيْعُكَ“، و”رَبِحَتْ تِجارَتُكَ“، يُرِيدُونَ بِذَلِكَ الِاخْتِصارَ، وسَعَةَ الكَلامِ، قالَ الشّاعِرُ: (p-٩٣) ؎وَكَيْفَ تُواصِلُ مَن أصْبَحَتْ ∗∗∗ خِلالَتُهُ كَأبِي مَرْحَبِ يُرِيدُ: كَخِلالَةِ أبِي مَرْحَبِ، وقالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ والنَّهارِ﴾ [سبإ: ٣٣]، واللَّيْلُ والنَّهارُ لا يَمْكُرانِ، إنَّما مَعْناهُ: بَلْ مَكْرُهم في اللَّيْلِ، والنَّهارِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب