الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿قُلْ أتُحاجُّونَنا في اللَّهِ﴾، في ”أتُحاجُّونَنا في اللَّهِ“، لُغاتٌ، فَأجْوَدُها: ”أتُحاجُّونَنا“، بِنُونَيْنِ، وإنْ شِئْتَ بِنُونٍ واحِدَةٍ: ”أتُحاجُّونّا“، عَلى إدْغامِ الأُولى في الثّانِيَةِ، وهَذا وجْهٌ جَيِّدٌ، ومِنهم مَن إذا أدْغَمَ أشارَ إلى الفَتْحِ، كَما قَرَؤُوا: ﴿ما لَكَ لا تَأْمَنّا عَلى يُوسُفَ﴾ [يوسف: ١١]، عَلى الإدْغامِ، والإشارَةِ إلى الضَّمِّ، وإنْ شِئْتَ حَذَفْتَ إحْدى النُّونَيْنِ، فَقُلْتَ: ”أتُحاجُّونا“، فَحَذْفٌ لِاجْتِماعِ النُّونَيْنِ، قالَ الشّاعِرُ: ؎تَراهُ كالثِّغامِ يُعَلُّ مِسْكًا ∗∗∗ يَسُوءُ الغانِياتِ إذا فَلْيَنِي يُرِيدُ: ”فَلَيْنَنِي“، ورَأيْتُ مَذْهَبَ المازِنِيِّ وغَيْرِهِ: رَدَّ هَذِهِ القِراءَةَ، وكَذَلِكَ رَدُّوا ﴿فَبِمَ تُبَشِّرُونَ﴾ [الحجر: ٥٤]، قالَ أبُو إسْحاقَ: والإقْدامُ عَلى رَدِّ هَذِهِ القِراءَةِ غَلَطٌ، لِأنَّ نافِعًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَرَأ بِها، وأخْبَرَنِي إسْماعِيلُ بْنُ إسْحاقَ أنَّ نافِعًا - رَحِمَهُ اللَّهُ - (p-٢١٧)لَمْ يَقْرَأْ بِحَرْفٍ إلّا وأقَلُّ ما قَرَأ بِهِ اثْنانِ مِن قُرّاءِ المَدِينَةِ، ولَهُ وجْهٌ في العَرَبِيَّةِ، فَلا يَنْبَغِي أنْ يُرَدَّ، ولَكِنَّ الفَتْحَ في قَوْلِهِ: ”فَبِمَ تُبَشِّرُونَ“، أقْوى في العَرَبِيَّةِ. وَمَعْنى قَوْلِهِ: ”﴿قُلْ أتُحاجُّونَنا في اللَّهِ﴾“: أنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - أمَرَ المُسْلِمِينَ أنْ يَقُولُوا لِلْيَهُودِ الَّذِينَ ظاهَرُوا مَن لا يُوَحِّدُ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - مِنَ النَّصارى، وعَبَدَةِ الأوْثانِ، فَأمَرَ اللَّهُ أنْ يُحْتَجَّ عَلَيْهِمْ بِـ”إنَّكم تَزْعُمُونَ أنَّكم مُوَحِّدُونَ، ونَحْنُ نُوَحِّدُ، فَلِمَ ظاهَرْتُمْ مَن لا يُوَحِّدُ اللَّهَ - جَلَّ وعَزَّ -، وهو رَبُّنا ورَبُّكُمْ، ولَنا أعْمالُنا، ولَكم أعْمالُكُمْ؟“، ثُمَّ أعْلَمُوهم أنَّهم مُخْلِصُونَ، وإخْلاصُهم إيمانُهم بِأنَّ اللَّهَ - عَزَّ وجَلَّ - واحِدٌ، وتَصْدِيقُهم جَمِيعَ رُسُلِهِ، فَأعْلَمُوا أنَّهم مُخْلِصُونَ، دُونَ مَن خالَفَهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب