الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَقالُوا كُونُوا هُودًا أوْ نَصارى تَهْتَدُوا﴾، اَلْمَعْنى: ”قالَتِ اليَهُودُ: كُونُوا هُودًا، وقالَتِ النَّصارى: كُونُوا نَصارى“، وجُزِمَ ”تَهْتَدُوا“، عَلى الجَوابِ لِلْأمْرِ، وإنَّما مَعْنى الشَّرْطِ قائِمٌ في الكَلِمَةِ، المَعْنى: إنْ تَكُونُوا عَلى هَذِهِ المِلَّةِ تَهْتَدُوا، فَجَزْمُ ”تَهْتَدُوا“، عَلى الحَقِيقَةِ، جَوابَ الجَزاءِ. وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿بَلْ مِلَّةَ إبْراهِيمَ حَنِيفًا﴾، تُنْصَبُ المِلَّةُ عَلى تَقْدِيرِ: بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةَ إبْراهِيمَ، ويَجُوزُ أنْ تُنْصَبَ عَلى مَعْنى: بَلْ نَكُونُ أهْلَ مِلَّةِ إبْراهِيمَ، وتُحْذَفَ الأهْلُ، كَما قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿واسْألِ القَرْيَةَ الَّتِي كُنّا فِيها﴾ [يوسف: ٨٢]، لِأنَّ القَرْيَةَ لا تُسْألُ، ولا تُجِيبُ، ويَجُوزُ الرَّفْعُ: ”بَلْ مِلَّةُ إبْراهِيمَ حَنِيفًا“، والأجْوَدُ والأكْثَرُ: اَلنَّصْبُ، ومُجازٌ الرَّفْعُ عَلى مَعْنى: ”قُلْ: مِلَّتُنا ودِينُنا مِلَّةُ إبْراهِيمَ“، ونُصِبَ ”حَنِيفًا“، عَلى الحالِ، المَعْنى: بَلْ نَتَّبِعُ مِلَّةَ إبْراهِيمَ في حالِ حَنِيفَتِهِ، ومَعْنى ”اَلْحَنِيفَةُ“، في اللُّغَةِ: اَلْمَيْلُ، فالمَعْنى أنَّ إبْراهِيمَ حَنِيفٌ إلى دِينِ اللَّهِ، دِينِ الإسْلامِ، كَما قالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسْلامُ﴾ [آل عمران: ١٩]، فَلَمْ يُبْعَثْ نَبِيٌّ إلّا بِهِ، وإنِ اخْتَلَفَتْ شَرائِعُهُمْ، فالعَقْدُ تَوْحِيدُ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ - والإيمانُ بِرُسُلِهِ، وإنِ اخْتَلَفَتِ الشَّرائِعُ، (p-٢١٤)إلّا أنَّهُ لا يَجُوزُ أنْ تُتْرَكَ شَرِيعَةُ نَبِيٍّ، أوْ يُعْمَلَ بِشَرِيعَةِ نَبِيٍّ قَبْلَهُ تُخالِفُ شَرِيعَةَ نَبِيِّ الأُمَّةِ الَّتِي يَكُونُ فِيها، وإنَّما أُخِذَ ”اَلْحَنْفُ“، مِن قَوْلِهِمْ: ”اِمْرَأةٌ حَنْفاءُ“، و”رَجُلٌ أحْنَفُ“، وهو الَّذِي تَمِيلُ قَدَماهُ كُلُّ واحِدَةٍ مِنهُما بِأصابِعِها إلى أُخْتِها بِأصابِعِها، قالَتْ أُمُّ الأحْنَفِ بْنِ قَيْسٍ، وكانَتْ تُرَقِّصُهُ، وخَرَجَ سَيِّدَ بَنِي تَمِيمٍ: ؎واللَّهِ لَوْلا حَنَفٌ في رِجْلِهِ ∗∗∗ ودِقَّةٌ في ساقِهِ مِن هُزْلِهِ ما كانَ في فِتْيانِكم مِن مِثْلِهِ
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب