الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَلِلَّهِ المَشْرِقُ والمَغْرِبُ﴾، يَرْتَفِعانِ كَما وصَفْنا مِن جِهَتَيْنِ، ومَعْنى ”لِلَّهِ“: أيْ: هو خالِقُهُما. وَقَوْلُهُ: ﴿فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ﴾، ”تُوَلُّوا“، جُزِمَ بِـ”أيْنَما“، والجَوابُ: ”فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ“، وعَلامَةُ الجَزْمِ في ”تُوَلُّوا“: سُقُوطُ النُّونِ، و”ثَمَّ“، مَوْضِعُ نَصْبٍ، ولَكِنْ مَبْنِيٌّ عَلى الفَتْحِ، لا يَجُوزُ أنْ تَقُولَ: ”ثَمًّا زَيْدٌ“، وإنَّما بُنِيَ عَلى الفَتْحِ لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، و”ثَمَّ“، في المَكانِ إشارَةٌ بِمَنزِلَةِ ”هُنا زَيْدٌ“، فَإذا أرَدْتَ المَكانَ القَرِيبَ قُلْتَ: ”هُنا زَيْدٌ“، وإذا أرَدْتَ المَكانَ المُتَراخِيَ عَنْكَ قُلْتَ: ”ثَمَّ زَيْدٌ“، و”هُناكَ زَيْدٌ“، فَإنَّما مُنِعَتْ ”ثَمَّ“، اَلْإعْرابَ لِإبْهامِها، ولا أعْلَمُ أحَدًا شَرَحَ هَذا الشَّرْحَ، لِأنَّ هَذا غَيْرُ مَوْجُودٍ في كُتُبِهِمْ، ومَعْنى الآيَةِ أنَّهُ قِيلَ فِيها: إنَّهُ يَعْنِي بِهِ البَيْتَ الحَرامَ، فَقِيلَ: ”أيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ“، أيْ: فاقْصِدُوا وجْهَ اللَّهِ بِتَيَمُّمِكُمُ القِبْلَةَ، ودَلِيلُ مَن قالَ هَذا القَوْلَ قَوْلُهُ: ﴿وَمِن حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرامِ﴾ [البقرة: ١٤٩]، فَقَدْ قِيلَ: إنَّ قَوْمًا كانُوا في سَفَرٍ، فَأدْرَكَتْهم ظُلْمَةٌ، ومَطَرٌ، فَلَمْ يَعْرِفُوا القِبْلَةَ، فَقِيلَ: ”فَأيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وجْهُ اللَّهِ“، (p-١٩٨)وَقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ: إنَّما المَعْنى مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وَهُوَ مَعَكم أيْنَ ما كُنْتُمْ﴾ [الحديد: ٤]، فالمَعْنى عَلى قَوْلِهِ هَذا: إنَّ اللَّهَ مَعَكم أيْنَما تُوَلُّوا، كَأنَّهُ: ”أيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ اللَّهُ، وهو مَعَكم“، وإنَّما حَكَيْنا في هَذا ما قالَ النّاسُ: ولَيْسَ عِنْدَنا قَطْعٌ في هَذا، واللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أعْلَمُ بِحَقِيقَتِهِ، ولَكِنَّ قَوْلَهُ: ﴿إنَّ اللَّهَ واسِعٌ عَلِيمٌ﴾، يَدُلُّ عَلى تَوْسِيعِهِ عَلى النّاسِ في شَيْءٍ رَخَّصَ لَهم بِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب