الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَساجِدَ اللَّهِ﴾، مَوْضِعُ ”مَن“: رَفْعٌ، ولَفْظُها لَفْظُ اسْتِفْهامٍ، المَعْنى: ”وَأيُّ أحَدِ أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ (p-١٩٦)مَساجِدَ اللَّهِ، و“ أظْلَمُ ”، رُفِعَ بِخَبَرِ الِابْتِداءِ، ومَوْضِعُ“ أنْ ”: نَصْبٌ عَلى البَدَلِ مِن“ مَساجِدَ اللَّهِ ”، اَلْمَعْنى:“ ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ أنْ يُذْكَرَ في مَساجِدِ اللَّهِ اسْمُهُ ”، وقَدْ قِيلَ في شَرْحِ هَذِهِ الآيَةِ غَيْرُ قَوْلٍ، جاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّ هَذا يُعْنى بِهِ الرُّومُ، لِأنَّهم كانُوا دَخَلُوا بَيْتَ المَقْدِسِ وخَرَّبُوهُ، وقِيلَ: يُعْنى بِهِ مُشْرِكُو مَكَّةَ، لِأنَّهم سَعَوْا في مَنعِ المُسْلِمِينَ مِن ذِكْرِ اللَّهِ في المَسْجِدِ الحَرامِ، وقالَ بَعْضُ أهْلِ اللُّغَةِ غَيْرَ هَذا، زُعِمَ أنَّهُ يُعْنى بِهِ جَمِيعُ الكُفّارِ، الَّذِينَ تَظاهَرُوا عَلى الإسْلامِ، ومَنَعُوا جُمْلَةَ المَساجِدِ، لِأنَّ مَن قاتَلَ المُسْلِمِينَ حَتّى مَنَعَهُمُ الصَّلاةَ فَقَدْ مَنَعَ جَمِيعَ المَساجِدِ، وكُلُّ مَوْضِعٍ مُتَعَبَّدٍ فِيهِ فَهو مَسْجِدٌ، ألا تَرى أنَّ النَّبِيَّ ﷺ قالَ:“ «جُعِلَتْ لِيَ الأرْضُ مَسْجِدًا وطَهُورًا» ”، فالمَعْنى عَلى هَذا المَذْهَبِ:“ ومَن أظْلَمُ مِمَّنْ خالَفَ مِلَّةَ الإسْلامِ؟ " . وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿أُولَئِكَ ما كانَ لَهم أنْ يَدْخُلُوها إلا خائِفِينَ﴾، أعْلَمَ اللَّهُ في هَذِهِ الآيَةِ أنَّ أمْرَ المُسْلِمِينَ يَظْهَرُ عَلى جَمِيعِ مَن خالَفَهُمْ، حَتّى لا يُمْكِنَ دُخُولُ مُخالِفٍ إلى مَساجِدِهِمْ إلّا خائِفًا، وهَذا كَقَوْلِهِ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿لِيُظْهِرَهُ عَلى الدِّينِ كُلِّهِ ولَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ﴾ [التوبة: ٣٣] وَقَوْلُهُ: ﴿لَهم في الدُّنْيا خِزْيٌ ولَهم في الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ﴾، يَرْتَفِعُ ”خِزْيٌ“، مِن وِجْهَتَيْنِ، إحْداهُما الِابْتِداءُ، والأُخْرى الفِعْلُ الَّذِي (p-١٩٧)يَنُوبُ عَنْهُ ”لَهم“، اَلْمَعْنى: وجَبَ لَهم خِزْيٌ في الدُّنْيا، وفي الآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ، والخِزْيُ الَّذِي لَهم في الدُّنْيا أنْ يُقْتَلُوا، إنْ كانُوا حَرْبًا، ويُجْزَوْا إنْ كانُوا ذِمَّةً، وجُعِلَ لَهم عَظِيمُ العَذابِ لِأنَّهم أظْلَمُ مَن ظَلَمَ، لِقَوْلِهِ: ﴿وَمَن أظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ﴾
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب