الباحث القرآني

(p-٣١٧)سُورَةُ مَرْيَمَ مَكِّيَّةٌ ﷽ قَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿كهيعص﴾، فِيها في القِراءَةِ ثَلاثَةُ أوْجُهٍ: فَتْحُ الهاءِ والياءِ، وكَسْرُهُما، وقَرَأ الحَسَنُ بِضَمِّ الهاءِ: ”كهُيعص“، وهي أقَلُّ اللُّغاتِ، فَأمّا الفَتْحُ فَهو الأصْلُ، تَقُولُ: ”ها با تا“، في حُرُوفِ الهِجاءِ، ومِنَ العَرَبِ مَن يَقُولُ: ”هِا يِا“، بِالكَسْرِ، ومِنهم مَن يَنْحُو نَحْوَ الضَّمِّ، فَيَقُولُ: ”هُا يُا“، يُشِمُّ الضَّمَّ. وَحَكى الخَلِيلُ، وسِيبَوَيْهِ أنَّ مِنَ العَرَبِ مَن يَقُولُ في ”اَلصَّلاةُ“: ”اَلصَّلُوةُ“، فَيَنْحُو نَحْوَ الضَّمِّ، فَأمّا مَن رَوى ضَمَّ الهاءِ مَعَ الياءِ، فَشاذٌّ، لِأنَّ إجْماعَ الرُّواةِ عَنِ الحَسَنِ ضَمُّ الهاءِ وحْدَها، وفي الرِّوايَةِ ضَمُّ الياءِ قَلِيلٌ عَنْهُ. واخْتُلِفَ في تَفْسِيرِ ”كهيعص“، فَقالَ أكْثَرُ أهْلِ اللُّغَةِ: إنَّها حُرُوفُ التَّهَجِّي، تَدُلُّ عَلى الِابْتِداءِ بِالسُّورَةِ، نَحْوَ: ”الـم“، و”الـر“، وقِيلَ: إنَّ تَأْوِيلَها أنَّها حُرُوفٌ يَدُلُّ كُلٌّ واحِدٍ مِنها عَلى صِفَةٍ مِن صِفاتِ اللَّهِ - عَزَّ وجَلَّ -، فَـ ”كافْ“، يَدُلُّ عَلى ”كَرِيمٌ“، و”ها“، يَدُلُّ عَلى ”هادٍ“، و”يا“، مِن ”حَكِيمٌ“، و”عَيْنْ“، يَدُلُّ عَلى ”عالِمٌ“، و”صادْ“، يَدُلُّ عَلى ”صادِقٌ“، وهَذا أحْسَنُ ما جاءَ في هَذِهِ الحُرُوفِ، وقَدِ اسْتَقْصَيْنا ذَلِكَ في أوَّلِ سُورَةِ ”اَلْبَقَرَةِ“ . (p-٣١٨)وَ”اَلْعَيْنُ“، قالُوا يَدُلُّ عَلى ”عَلِيمٌ“، ورُوِيَ أنَّ ”كهيعص“، اِسْمٌ مِن أسْماءِ اللَّهِ تَعالى، ورُوِيَّ أنَّ عَلِيًّا - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أقْسَمَ بِـ ”كهيعص“، أوْ قالَ: ”يا كهيعص“، والدُّعاءُ لا يَدُلُّ عَلى أنَّهُ اسْمُ واحِدٍ، لِأنَّ الدّاعِيَ إذا عَلِمَ أنَّ الدُّعاءَ بِهَذِهِ الحُرُوفِ يَدُلُّ عَلى صِفاتِ اللَّهِ - جَلَّ وعَزَّ - فَدَعا بِها، فَكَأنَّهُ قالَ: ”يا كافِي، يا هادِي، يا عالِمُ، يا صادِقُ“، فَكَأنَّهُ دَعا بِـ ”كهيعص“، لِذِكْرِها في القُرْآنِ، وهو يَدُلُّ عَلى هَذِهِ الصِّفاتِ، فَإذا أقْسَمَ فَقالَ: ”وَكهيعص“، فَكَأنَّهُ قالَ: ”والكافِي، والهادِي، والعالِمِ، والحَكِيمِ، والصّادِقِ“، وأُسْكِنَتْ هَذِهِ الحُرُوفُ لِأنَّها حُرُوفُ تَهَجٍّ، النِّيَّةُ فِيها الوَقْفُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب