الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ: ﴿والأنْعامَ خَلَقَها لَكم فِيها دِفْءٌ﴾، نُصِبَ ”اَلْأنْعامَ“، عَلى فِعْلٍ مُضْمَرٍ، المَعْنى: ”خَلَقَ الأنْعامَ خَلَقَها“، مُفَسِّرٌ لِلْمُضْمَرِ، و”اَلدِّفْءُ“: ما يُدْفِئُهم مِن أوْبارِها، وأصْوافِها، وأكْثَرُ ما تُسْتَعْمَلُ ”اَلْأنْعامُ“، في الإبِلِ خاصَّةً، وتَكُونُ لِلْإبِلِ، والغَنَمِ، والبَقَرِ، فَأخْبَرَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - أنَّ في الأنْعامِ ما يُدْفِئُنا، ولَمْ يَقُلْ: ”لَكم فِيها ما يُكِنُّكم ويُدْفِئُكم مِنَ البَرْدِ“، لِأنَّ ما سَتَرَ (p-١٩١)مِنَ الحَرِّ، سَتَرَ مِنَ البَرْدِ، وما سَتَرَ مِنَ البَرْدِ سَتَرَ مِنَ الحَرِّ، قالَ اللَّهُ - عَزَّ وجَلَّ - في مَوْضِعٍ آخَرَ: ﴿سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الحَرَّ﴾ [النحل: ٨١]، فَعُلِمَ أنَّها تَقِي البَرْدَ أيْضًا، وكَذَلِكَ إذا قِيلَ: ﴿لَكم فِيها دِفْءٌ﴾، عُلِمَ أنَّها تَسْتُرُ مِنَ البَرْدِ، وتَسْتُرُ مِنَ الحَرِّ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمَنافِعُ﴾، أيْ: ومَنافِعُها: ألْبانُها، وأبْوالُها، وغَيْرُ ذَلِكَ، ﴿وَمِنها تَأْكُلُونَ﴾ ﴿وَلَكم فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦]، ”اَلْإراحَةُ“: أنْ تَرُوحَ الإبِلُ مِن مَراعِيها إلى المَوْضِعِ الَّذِي تُقِيمُ فِيهِ، ﴿وَحِينَ تَسْرَحُونَ﴾ [النحل: ٦]، أيْ: حِينَ تُخَلُّونَها لِلرَّعْيِ، وفِيما مَلَكَهُ الإنْسانُ جَمالٌ وزِينَةٌ، كَما قالَ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿المالُ والبَنُونَ زِينَةُ الحَياةِ الدُّنْيا﴾ [الكهف: ٤٦]، والمالُ لَيْسَ يَخُصُّ الوَرِقَ، والعَيْنَ، دُونَ الأمْلاكِ، وأكْثَرُ مالِ العَرَبِ الإبِلُ، كَما أنَّ أكْثَرَ أمْوالِ أهْلِ البَصْرَةِ النَّخْلُ، إنَّما يَقُولُونَ: ”مالُ فُلانٍ بِمَوْضِعِ كَذا وكَذا“، يَعْنُونَ النَّخْلَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب