الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - عَزَّ وجَلَّ -: ﴿إنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إذا أرَدْناهُ أنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾، اَلْقِراءَةُ الرَّفْعُ، وقَدْ قُرِئَتْ بِالنَّصْبِ، فالرَّفْعُ عَلى ”فَهُوَ“، ويَكُونُ عَلى مَعْنى: ”ما أرادَ اللَّهُ فَهو يَكُونُ“، والنَّصْبُ عَلى ضَرْبَيْنِ، أحَدُهُما أنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: ”فَيَكُونَ“، عَطْفًا عَلى ”أنْ نَقُولَ فَيَكُونَ“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ نَصْبًا، عَلى جَوابِ ”كُنْ“، فَـ ”قَوْلُنا“، رُفِعَ بِالِابْتِداءِ، وخَبَرُهُ ”أنْ نَقُولَ“، اَلْمَعْنى: ”إنَّما قَوْلُنا لِكُلِّ مُرادٍ قَوْلُنا كُنْ“، وهَذا خُوطِبَ العِبادُ فِيهِ بِما يَعْقِلُونَ، وما أرادَ اللَّهُ، فَهو كائِنٌ عَلى كُلِّ حالٍ. (p-١٩٩)وَعَلى ما أرادَهُ مِنَ الإسْراعِ، ولَوْ أرادَ خَلْقَ الدُّنْيا - السَّماواتِ والأرْضِ - في قَدْرِ لَمْحِ البَصَرِ، لَقَدِرَ عَلى ذَلِكَ، ولَكِنَّ العِبادَ خُوطِبُوا بِما يَعْقِلُونَ، فَأعْلَمَهُمُ اللَّهُ سُهُولَةَ خَلْقِ الأشْياءِ عَلَيْهِ، قَبْلَ أنْ تَكُونَ، فَأعْلَمَ أنَّهُ مَتى أرادَ الشَّيْءَ كانَ، وأنَّهُ إذا قالَ: ”كُنْ“، كانَ، لَيْسَ أنَّ الشَّيْءَ قَبْلَ أنْ يُخْلَقَ كانَ مَوْجُودًا، إنَّما المَعْنى: إذا أرَدْنا الشَّيْءَ نَقُولُ مِن أجْلِهِ ”كُنْ أيُّها المُرادُ، فَيَكُونُ“، عَلى قَدْرِ إرادَةِ اللَّهِ، لِأنَّ القَوْمَ - أعْنِي المُشْرِكِينَ - أنْكَرُوا البَعْثَ، وأقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللَّهُ مَن يَمُوتُ، وهو مَعْنى قَوْلِهِ: ﴿وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلى الحِنْثِ العَظِيمِ﴾ [الواقعة: ٤٦]، أيْ: كانُوا يَحْلِفُونَ أنَّهم لا يُبْعَثُونَ. وَلَقَدْ جاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّ الحِنْثَ: اَلشِّرْكُ، لِأنَّ مَنِ اعْتَقَدَ هَذا، فَضْلًا عَلى أنْ يَحْلِفَ عَلَيْهِ، فَهو مُشْرِكٌ، فَقالَ - جَلَّ وعَلا - ﴿بَلى وعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا﴾ [النحل: ٣٨]، أيْ: بَلى، يَبْعَثُهم وعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا، و”حَقًّا“، مَنصُوبٌ، مَصْدَرٌ مُؤَكِّدٌ لِأنَّهُ إذا قالَ: ”يَبْعَثُهُمْ“، دَلَّ عَلى ”وَعَدَ بِالبَعْثِ وعْدًا“.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب