الباحث القرآني

﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ﴾، ولَمْ يَقُلْ: ”فَحُبِسَ“، لِأنَّ في قَوْلِهِ: ﴿وَدَخَلَ مَعَهُ السِّجْنَ﴾، دَلِيلًا أنَّهُ حُبِسَ، و﴿فَتَيانِ﴾، جائِزٌ أنْ يَكُونا حَدَثَيْنِ، أوْ شَيْخَيْنِ، لِأنَّهم كانُوا يُسَمُّونَ المَمْلُوكَ ”فَتًى“، ﴿قالَ أحَدُهُما إنِّي أرانِي أعْصِرُ خَمْرًا﴾، ولَمْ يَقُلْ: ”إنِّي أرانِي في النَّوْمِ أعْصِرُ خَمْرًا“، لِأنَّ الحالَ تَدُلُّ عَلى أنَّهُ لَيْسَ يَرى نَفْسَهُ في اليَقَظَةِ يَعْصِرُ خَمْرًا. وَقالَ أهْلُ اللُّغَةِ: ”اَلْخَمْرُ“، في لُغَةِ عُمانَ: اِسْمٌ لِلْعِنَبِ، فَكَأنَّهُ قالَ: ”أرانِي أعْصِرُ عِنَبًا“، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ عَنى الخَمْرَ بِعَيْنِها، لِأنَّهُ يُقالُ لِلَّذِي يَصْنَعُ مِنَ التَّمْرِ الدِّبْسَ: ”هَذا يَعْمَلُ دِبْسًا“، وإنَّما يَعْمَلُ التَّمْرَ حَتى يَصِيرَ دِبْسًا، وكَذَلِكَ كُلُّ شَيْءٍ نُقِلَ مِن شَيْءٍ. وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: ”أعْصِرُ خَمْرًا“، أيْ: أعْصِرُ عِنَبَ الخَمْرِ، أيْ: اَلْعِنَبَ الَّذِي يَكُونُ عَصِيرُهُ خَمْرًا، ﴿وَقالَ الآخَرُ إنِّي أرانِي أحْمِلُ فَوْقَ رَأْسِي خُبْزًا تَأْكُلُ الطَّيْرُ مِنهُ نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ﴾، أيْ: تَأْوِيلِ ما رَأيْنا، وقَوْلُهُما: ”نَبِّئْنا بِتَأْوِيلِهِ“، يَدُلُّ عَلى أنَّهُما رَأيا ذَلِكَ في النَّوْمِ، لِأنَّهُ لا تَأْوِيلَ لِرُؤْيَةِ اليَقَظَةِ غَيْرُ ما يَراهُ الإنْسانُ، ﴿إنّا نَراكَ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ (p-١١٠)جاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّهُ كانَ يُعِينُ المَظْلُومَ، ويَنْصُرُ الضَّعِيفَ، ويَعُودُ العَلِيلَ، وقِيلَ: ”مِنَ المُحْسِنِينَ“، أيْ: مِمَّنْ يُحْسِنُ التَّأْوِيلَ، وهَذا دَلِيلٌ أنَّ أمْرَ الرُّؤْيا صَحِيحٌ، وأنَّها لَمْ تَزَلْ في الأُمَمِ الخالِيَةِ، ومَن دَفَعَ أمْرَ الرُّؤْيا، وأنَّهُ مِنها ما يَصِحُّ، فَلَيْسَ بِمُسْلِمٍ، لِأنَّهُ يَدْفَعُ القُرْآنَ، والأثَرَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لِأنَّهُ رُوِيَ «عَنْ رَسُولِ اللَّهِ أنَّ الرُّؤْيا جُزْءٌ مِن أرْبَعِينَ جُزْءًا مِنَ النُّبُوَّةِ»، وتَأْوِيلُهُ أنَّ الأنْبِياءَ يُخْبَرُونَ بِما سَيَكُونُ، والرُّؤْيا الصّادِقَةُ تَدُلُّ عَلى ما سَيَكُونُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب