الباحث القرآني

﴿وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ﴾، أكْثَرُ المُفَسِّرِينَ أنَّهُ هَمَّ بِها، حَتّى رَأى صُورَةَ يَعْقُوبَ - عَلَيْهِ السَّلامُ -، وهو يَقُولُ لَهُ: ”يا يُوسُفُ، أتَهُمُّ بِفِعْلِ السُّفَهاءِ، وأنْتَ مَكْتُوبٌ في دِيوانِ الأنْبِياءِ؟“. وَقِيلَ: إنَّهُ رَأى في البَيْتِ مَكْتُوبًا: ﴿وَلا تَقْرَبُوا الزِّنا إنَّهُ كانَ فاحِشَةً وساءَ سَبِيلا﴾ [الإسراء: ٣٢]، وهَذا مَذْهَبُ أهْلِ التَّفْسِيرِ، ولَسْنا نَشُكُّ أنَّهُ قَدْ رَأى بُرْهانًا قَطَعَهُ عَمّا هَمَّ بِهِ. وَقالَ قَوْمٌ: اَلْمَعْنى: ”وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ“، وذَهَبُوا إلى أنَّ المَعْنى: ”لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ لَهَمَّ بِها“، والَّذِي عَلَيْهِ المُفَسِّرُونَ أنَّهُ هَمَّ بِها، وأنَّهُ جَلَسَ مِنها مَجْلِسَ الرَّجُلِ مِنَ المَرْأةِ، إلّا أنَّ اللَّهَ تَفَضَّلَ بِأنْ أراهُ البُرْهانَ، ألا تَراهُ قالَ: ﴿وَما أُبَرِّئُ نَفْسِي إنَّ النَّفْسَ لأمّارَةٌ بِالسُّوءِ﴾ [يوسف: ٥٣] ؟ والمَعْنى: ”لَوْلا أنْ رَأى بُرْهانَ رَبِّهِ لَأمْضى ما هَمَّ بِهِ“. وَلَيْسَ في الكَلامِ بِكَثِيرٍ أنْ تَقُولَ: ”ضَرَبْتُكَ لَوْلا زَيْدٌ“، و”لا هَمَمْتُ بِكَ لَوْلا زَيْدٌ“، إنَّما الكَلامُ: ”لَوْلا زَيْدٌ لَهَمَمْتُ بِكَ“، و”لَوْلا“، تُجابُ بِاللّامِ، فَلَوْ (p-١٠٢)كانَ: ؎”وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ ولَهَمَّ بِها لَوْلا أنْ رَأى“، أيْ: بُرْهانَ رَبِّهِ، لَكانَ يَجُوزُ عَلى بُعْدٍ. وَقَوْلُهُ: ﴿كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ والفَحْشاءَ﴾، أيْ: كَذَلِكَ أرَيْناهُ البُرْهانَ، لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ، والفَحْشاءَ، فَـ ”اَلسُّوءُ“: خِيانَةُ صاحِبِهِ، و”اَلْفَحْشاءُ“: رُكُوبُ الفاحِشَةِ، ﴿إنَّهُ مِن عِبادِنا المُخْلَصِينَ﴾، أيْ: اَلَّذِينَ أخْلَصُوا، أخْلَصَهُمُ اللَّهُ مِنَ الأسْواءِ، والفَواحِشِ، مِثْلَ المُصْطَفَيْنَ، وقُرِئَتْ: ”مِنَ المُخْلِصِينَ“، بِكَسْرِ اللّامِ، أيْ: اَلَّذِينَ أخْلَصُوا دِينَهم لِلَّهِ - عَزَّ وجَلَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب