الباحث القرآني

﴿قالَتْ يا ويْلَتى أألِدُ وأنا عَجُوزٌ﴾، اَلْمُصْحَفُ فِيهِ ”يا ويْلَتى“، بِالياءِ، والقِراءَةُ بِالألِفِ، إنْ شِئْتَ عَلى التَّضْخِيمِ، وإنْ شِئْتَ عَلى الإمالَةِ، والأصْلُ: ”يا ويْلَتِي“، فَأُبْدِلَ مِنَ الياءِ والكَسْرَةِ الألِفُ، لِأنَّ الفَتْحَ والألِفُ أخَفُّ مِنَ الياءِ، والكَسْرَةِ، ويَجُوزُ الوَقْفُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الهاءِ، والِاخْتِيارُ أنْ يُوقَفَ عَلَيْهِ بِالهاءِ، ”يا ويْلَتاهُ“ . فَأمّا المُصْحَفُ فَلا يُخالَفُ، ولا يُوقَفُ عَلَيْهِ بِغَيْرِ الهاءِ، فَإنِ اضْطُرَّ واقِفٌ وقَفَ بِغَيْرِ الهاءِ، فَأمّا الهَمْزَتانِ بَعْدَ ”يا ويْلَتى“، فَفِيهِما ثَلاثَةُ أوْجُهٍ. إنْ شِئْتَ حَقَّقْتَ الأُولى، وخَفَّفْتَ الثّانِيَةَ، فَقُلْتَ: ”يا ويْلَتى أالِدُ“، وإنْ شِئْتَ - وهو الِاخْتِيارُ - خَفَّفْتَ الأُولى، وخَفَّفْتَ الثّانِيَةَ فَقُلْتَ: ”يا ويْلَتى آلِدُ“، وإنْ شِئْتَ حَقَّقْتَهُما جَمِيعًا، فَقُلْتَ: ”أألِدُ“ . وَتَحْقِيقُ الهَمْزَتَيْنِ مَذْهَبُ ابْنِ أبِي إسْحاقَ، ﴿وَهَذا بَعْلِي شَيْخًا﴾، اَلْقِراءَةُ النَّصْبُ، وكَذَلِكَ هي في المُصْحَفِ المُجْمَعِ عَلَيْهِ، وهو مَنصُوبٌ عَلى الحالِ، والحالُ هَهُنا نَصْبُها مِن لَطِيفِ النَّحْوِ، وغامِضِهِ، ذَلِكَ أنَّكَ إذا قُلْتَ: ”هَذا زَيْدٌ قائِمًا“، فَإنْ كُنْتَ تَقْصِدُ أنْ تُخْبِرَ مَن لَمْ يَعْرِفُ زَيْدًا أنَّهُ زَيْدٌ، لَمْ يَجُزْ أنْ تَقُولَ: ”هَذا زَيْدٌ قائِمًا“، لِأنَّهُ يَكُونُ زَيْدًا ما دامَ (p-٦٤)قائِمًا. فَإذا زالَ عَنِ القِيامِ فَلَيْسَ بِزَيْدٍ، وإنَّما تَقُولُ ذاكَ لِلَّذِي يَعْرِفُ زَيْدًا: ”هَذا زَيْدٌ قائِمًا“، فَيَعْمَلُ في الحالِ التَّنْبِيهُ، والمَعْنى: ”اِنْتَبِهْ لِزَيْدٍ في حالِ قِيامِهِ“، وأُشِيرَ لَكَ إلى زَيْدٍ حالَ قِيامِهِ، لِأنَّ ”هَذا“، إشارَةٌ إلى ما حَضَرَ، فالنَّصْبُ الوَجْهُ، كَما ذَكَرْنا. وَيَجُوزُ الرَّفْعُ، وزَعَمَ سِيبَوَيْهِ، والخَلِيلُ أنَّ الرَّفْعَ مِن أرْبَعَةِ أوْجُهٍ، فَوَجْهٌ مِنها أنْ تَقُولَ: ”هَذا زَيْدٌ قائِمٌ“، فَتَرْفَعَ زَيْدًا بِهَذا، وتَرْفَعُ ”قائِمٌ“، خَبَرًا ثانِيًا، كَأنَّكَ قُلْتَ: ”هُوَ قائِمٌ“، أوْ: ”هَذا قائِمٌ“، ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ زَيْدًا وقائِمًا جَمِيعًا خَبَرَيْنِ عَنْ هَذا، فَتَرْفَعَهُما جَمِيعًا خَبَرًا بِهَذا، كَما تَقُولُ: ”هَذا حُلْوٌ حامِضٌ“، تُرِيدُ أنَّهُ جَمَعَ الطَّعْمَيْنِ، ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ زَيْدًا بَدَلًا مِن ”هَذا“، كَأنَّكَ قُلْتَ: ”زَيْدٌ قائِمٌ“، ويَجُوزُ أنْ تَجْعَلَ زَيْدًا مَبَيِّنًا عَنْ هَذا، كَأنَّكَ أرَدْتَ: ”هَذا قائِمٌ“، ثُمَّ بَيَّنْتَ مَن هُوَ، بِقَوْلِكَ: ”زَيْدٌ“، فَهَذِهِ أرْبَعَةُ أوْجُهٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب