الباحث القرآني

وَقَوْلُهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ ويَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ﴾، قِيلَ في التَّفْسِيرِ: إنَّهُ يَعْنِي مُحَمَّدًا ﷺ، ﴿وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ﴾، أيْ: شاهِدٌ مِن رَبِّهِ، والشّاهِدُ جِبْرِيلُ، وقِيلَ: يَتْلُوهُ البُرْهانُ، والَّذِي جَرى ذِكْرُ البَيِّنَةِ، لِأنَّ البَيِّنَةَ والبُرْهانَ بِمَعْنًى واحِدٍ. وَقِيلَ: ”وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ“، يَعْنِي لِسانَ النَّبِيِّ ﷺ، أيْ: ”أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ، وكانَ مَعَهُ مِنَ الفَضْلِ ما يُبَيِّنُ تِلْكَ البَيِّنَةِ، كانَ هو وغَيْرُهُ سَواءً؟!“، وتَرَكَ ذِكْرَ المُضادِّ لَهُ، لِأنَّ فِيما بَعْدَهُ دَلِيلًا - عَلَيْهِ، كَقَوْلِهِ: ﴿مَثَلُ الفَرِيقَيْنِ كالأعْمى والأصَمِّ والبَصِيرِ والسَّمِيعِ﴾ [هود: ٢٤] وَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ - واللَّهُ أعْلَمُ -: ”أفَمَن كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِن رَبِّهِ“، يَعْنِي بِهِ النَّبِيَّ ﷺ، وسائِرَ المُؤْمِنِينَ، ويَكُونَ مَعْنى ”وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ“، يَتْلُوهُ، ويَتْبَعُهُ، أيْ: يَتْبَعُ البَيانَ شاهِدٌ مِن ذَلِكَ البَيانِ، ويَكُونَ الدَّلِيلُ عَلى هَذا القَوْلِ: ﴿أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ﴾ وَيَكُونَ دَلِيلُهُ أيْضًا: ﴿الر كِتابٌ أُحْكِمَتْ آياتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ﴾ [هود: ١]، فَإتْباعُ الشّاهِدِ بَعْدَ البَيانِ، كَإتْباعِ التَّفْصِيلِ بَعْدَ الأحْكامِ. وَقَوْلُهُ: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى إمامًا ورَحْمَةً﴾، (p-٤٤)أيْ: وكانَ مِن قَبْلِ هَذا كِتابُ مُوسى دَلِيلًا عَلى أمْرِ النَّبِيِّ ﷺ، ويَكُونُ ﴿كِتابُ مُوسى﴾، عَلى العَطْفِ عَلى قَوْلِهِ: ”وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ، ومِن قَبْلِهِ كِتابُ مُوسى“، أيْ: وكانَ يَتْلُوهُ كِتابُ مُوسى. لِأنَّ النَّبِيَّ بَشَّرَ بِهِ مُوسى وعِيسى في التَّوْراةِ، والإنْجِيلِ، قالَ اللَّهُ - جَلَّ وعَزَّ -: ﴿الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهم في التَّوْراةِ والإنْجِيلِ﴾ [الأعراف: ١٥٧]، ونُصِبَ ”إمامًا“، عَلى الحالِ، لِأنَّ ﴿كِتابُ مُوسى﴾، مَعْرِفَةٌ، ﴿فَلا تَكُ في مِرْيَةٍ مِنهُ﴾ يَجُوزُ كَسْرُ المِيمِ في ”مِرْيَةٍ“، وضَمُّها، وقَدْ قُرِئَ بِهِما جَمِيعًا في ”مِرْيَةٍ“، و”فِرْيَةٌ“، ويَجُوزُ نَصْبُ ﴿كِتابُ مُوسى﴾، ويَكُونُ المَعْنى: ”وَيَتْلُوهُ شاهِدٌ مِنهُ، وهو الَّذِي كانَ يَتْلُو كِتابَ مُوسى“، والأجْوَدُ الرَّفْعُ، والقِراءَةُ بِالرَّفْعِ لا غَيْرُ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب