الباحث القرآني

(p-١٩)وَقَوْلُهُ: ﴿قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ﴾، تَقُولُ: ”هَدَيْتُ إلى الحَقِّ“، و”هَدَيْتُ الحَقَّ“، بِمَعْنًى واحِدٍ، لِأنَّ ”هَدَيْتُ“، يَتَعَدّى إلى المَهْدِيِّينَ، وإلى الحَقِّ يَتَعَدّى بِحَرْفِ جَرٍّ، المَعْنى: ”يَهْدِي مَن يَشاءُ لِلْحَقِّ“، ﴿أفَمَن يَهْدِي إلى الحَقِّ أحَقُّ أنْ يُتَّبَعَ أمَّنْ لا يَهِدِّي إلا أنْ يُهْدى﴾، أيْ: قُرِّرُوا، فَقِيلَ لَهُمْ: أيٌّ أوْلى بِالِاتِّباعِ، الَّذِي يَهْدِي أمِ الَّذِي لا يَهْدِي إلّا أنْ يُهْدى؟! وجاءَ في التَّفْسِيرِ أنَّهُ يُعْنى بِهِ الأصْنامُ. وَفِي ”يَهِدِّي“، قِراءاتٌ، قَرَأ بَعْضُهُمْ: ”أمَّنْ لا يَهْدْي“، بِإسْكانِ الهاءِ، والدّالِ، وهَذِهِ القِراءَةُ مَرْوِيَّةٌ، إلّا أنَّ اللَّفْظَ بِها مُمْتَنِعٌ، فَلَسْتُ أدْرِي كَيْفَ قُرِئَ بِها، وهي شاذَّةٌ، وقَدْ حَكى سِيبَوَيْهِ أنَّ مِثْلَها قَدْ يُتَكَلَّمُ بِهِ، وقَرَأ أبُو عَمْرِو بْنُ العَلاءِ: ”أمَّنْ لا يَهَدِّي“، بِفَتْحِ الهاءِ، وهَذا صَحِيحٌ، جَيِّدٌ، بالِغٌ، الأصْلُ ”يَهْتَدِي“، فَأدْغَمَ التّاءَ في الدّالِ، وطَرَحَ فَتْحَتَها عَلى الهاءِ، والَّذِينَ جَمَعُوا بَيْنَ ساكِنَيْنِ، الأصْلُ عِنْدَهم أيْضًا: ”يَهْتَدِي“، فَأُدْغِمَتِ التّاءُ في الدّالِ، وتُرِكَتِ الهاءُ ساكِنَةً، فاجْتَمَعَ ساكِنانِ. وَقَرَأ عاصِمٌ: ”أمَّنْ لا يَهِدِّي“، وهي في الجَوْدَةِ كَفَتْحِ الهاءِ في الجَوْدَةِ، والهاءُ عَلى هَذِهِ القِراءَةِ مَكْسُورَةٌ، لِالتِقاءِ السّاكِنَيْنِ، ورُوِيَتْ عَنْ عاصِمٍ أيْضًا: ”يِهِدِّي“، بِكَسْرِ الهاءِ، والياءِ، أتْبَعَ الكَسْرَةَ الكَسْرَةَ، وهي رَدِيئَةٌ، لِنَقْلِ الكَسْرِ في الياءِ. (p-٢٠)وَقُرِئَتْ: ”أمَّنْ لا يَهْدِي“، بِدالٍ خَفِيفَةٍ، فَهَذِهِ خَمْسَةُ أوْجُهٍ، قَدْ قُرِئَ بِها هَذا الحَرْفُ. وَقَوْلُهُ: ﴿فَما لَكم كَيْفَ تَحْكُمُونَ﴾، ”ما لَكُمْ“، كَلامٌ تامٌّ، كَأنَّهُ قِيلَ لَهُمْ: ”أيُّ شَيْءٍ لَكم في عِبادَةِ الأوْثانِ؟!“، ثُمَّ قِيلَ لَهُمْ: ”كَيْفَ تَحْكُمُونَ؟!“، أيْ: ”عَلى أيِّ حالٍ تَحْكُمُونَ؟!“، فَمَوْضِعُ ”كَيْفَ“: نَصْبٌ بِـ ”تَحْكُمُونَ“.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب