الباحث القرآني
(p-١٣٧)سُورَةُ الشَّمْسِ
وَهِيَ مَكِيهٌ كُلُّها بِإجْماعِهِمْ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والشَّمْسِ وضُحاها﴾ في المُرادِ " بِضُحاها " ثَلاثَةُ أقْوالٍ
أحَدُها: ضَوْؤُها، قالَهُ مُجاهِدٌ، والزَّجّاجُ. والضُّحى: حِينَ يَصْفُو ضَوْءُ الشَّمْسِ بَعْدَ طُلُوعِها.
والثّانِي: النَّهارُ كُلُّهُ، قالَهُ قَتادَةُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ.
والثّالِثُ: حَرُّها، قالَهُ السُّدِّيُّ، ومُقاتِلٌ.
﴿والقَمَرِ إذا تَلاها﴾ فِيهِ قَوْلانِ.
(p-١٣٨)أحَدُهُما: إذا تَبِعَها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ في آخَرِينَ. ثُمَّ في وقْتِ اتِّباعِهِ لَها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ في أوَّلِ لَيْلَةٍ مِنَ الشَّهْرِ يُرى القَمَرُ إذا سَقَطَتِ الشَّمْسُ، قالَ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّهُ في الخامِسَ عَشَرَ يَطْلُعُ القَمَرُ مَعَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. والثّالِثُ: أنَّهُ في النِّصْفِ الأوَّلِ مِنَ الشَّهْرِ إذا غَرَبَتْ تَلاها القَمَرُ في الإضاءَةِ، وخَلَفَها في النُّورِ، حَكاهُ عَلِيُّ بْنُ أحْمَدَ النَّيْسابُورِيُّ.
والقَوْلُ الثّانِي: إذا ساواها، قالَهُ مُجاهِدٌ. وقالَ غَيْرُهُ: إذا اسْتَدارَ، فَتَلا الشَّمْسَ في الضِّياءِ والنُّورِ، وذَلِكَ في اللَّيالِي البَيْضِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والنَّهارِ إذا جَلاها﴾ في المَكْنِيِّ عَنْها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّها الشَّمْسُ، قالَهُ مُجاهِدٌ، فَيَكُونُ المَعْنى: والنَّهارُ إذا بَيَّنَ الشَّمْسَ، لِأنَّها تَتَبَيَّنُ إذا انْبَسَطَ النَّهارُ.
والثّانِي: أنَّها الظُّلْمَةُ، فَيَكُونُ كِنايَةً عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ، لِأنَّ المَعْنى مَعْرُوفٌ، كَما تَقُولُ: أصْبَحَتْ بارِدَةً، وهَبَّتْ شَمالًا، وهَذا قَوْلُ الفَرّاءِ، واللُّغَوِيِّينَ.
﴿واللَّيْلِ إذا يَغْشاها﴾ أيْ: يَغْشى الشَّمْسَ حِينَ تَغِيبُ فَتُظْلِمُ الآفاقُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والسَّماءِ وما بَناها﴾ في " ما " قَوْلانِ.
(p-١٣٩)أحَدُهُما: بِمَعْنى " مَن " تَقْدِيرُهُ " ومَن بَناها "، قالَهُ الحَسَنُ، ومُجاهِدٌ، وأبُو عُبَيْدَةَ. وبَعْضُهم يَجْعَلُها بِمَعْنى الَّذِي.
والثّانِي: أنَّها بِمَعْنى المَصْدَرِ، تَقْدِيرُهُ: وبِنائِها، وهَذا مَذْهَبُ قَتادَةَ، والزَّجّاجِ. وكَذَلِكَ القَوْلُ في ﴿وَما طَحاها﴾ ﴿وَما سَوّاها﴾ وقَدْ قَرَأ أبُو عِمْرانَ الجَوْنِيُّ في آخَرِينَ " ومَن بَناها " " ومَن طَحاها " " ومَن سَوّاها " كُلُّهُ بِالنُّونِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: ومَعْنى " طَحاها ": بَسَطَها يَمِينًا وشِمالًا، ومِن كُلِّ جانِبٍ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: خَيْرٌ طاحٍ، أيْ: كَثِيرٌ مُتَّسِعٌ.
وَفِي المُرادِ " بِالنَّفْسِ " ها هُنا قَوْلانِ.
أحَدُهُما: آدَمُ، قالَهُ الحَسَنُ.
والثّانِي: جَمِيعُ النُّفُوسِ، قالَهُ عَطاءٌ. وقَدْ ذَكَرْنا مَعْنى " سَوّاها " في (p-١٤٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَسَوّاكَ فَعَدَلَكَ﴾ [الِانْفِطارِ: ٧] ﴿فَألْهَمَها فُجُورَها وتَقْواها﴾ الإلْهامُ: إيقاعُ الشَّيْءِ في النَّفْسِ. قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ألْزَمَها فُجُورَها وتَقْواها. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: جَعَلَ ذَلِكَ فِيها بِتَوْفِيقِهِ إيّاها لِلتَّقْوى، وخِذْلانِهِ إيّاها لِلْفُجُورِ.
(p-١٤١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن زَكّاها﴾ قالَ الزَّجّاجُ: هَذا جَوابُ القَسَمِ. والمَعْنى: لَقَدْ أفْلَحَ، ولَكِنَّ اللّامَ حُذِفَتْ لِأنَّ الكَلامَ طالَ، فَصارَ طُولُهُ عِوَضًا مِنها. قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: جَوابُهُ مَحْذُوفٌ. وفي مَعْنى الكَلامِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: قَدْ أفْلَحَتْ نَفْسٌ زَكّاها اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُقاتِلٌ، والفَرّاءُ، والزَّجّاجُ.
والثّانِي: قَدْ أفْلَحَ مَن زَكّى نَفْسَهُ بِطاعَةِ اللَّهِ وصالِحِ الأعْمالِ، قالَهُ قَتادَةُ، وابْنُ قُتَيْبَةَ. ومَعْنى ﴿زَكّاها﴾: أصْلَحَها وطَهَّرَها مِنَ الذُّنُوبِ ﴿وَقَدْ خابَ مَن دَسّاها﴾ فِيهِ قَوْلانِ كالَّذِي قَبْلَهُ.
فَإنْ قُلْنا: إنَّ الفِعْلَ لِلَّهِ، فَمَعْنى ﴿دَسّاها﴾: خَذَلَها، وأخْمَلَها، وأخْفى مَحَلَّها، [بِالكُفْرِ والمَعْصِيَةِ] ولَمْ يُشْهِرْها بِالطّاعَةِ والعَمَلِ الصّالِحِ.
وَإنْ قُلْنا: الفِعْلُ لِلْإنْسانِ، فَمَعْنى " دَسّاها ": أخْفاها بِالفُجُورِ. قالَ الفَرّاءُ: ويُرْوى أنَّ " دَسّاها " دَسَّسَها لِأنَّ البَخِيلَ يُخْفِي مَنزِلَهُ ومالَهُ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَعْنى: دَسّى نَفْسَهُ، أيْ: أخْفاها بِالفُجُورِ والمَعْصِيَةِ. والأصْلُ مَن دَسَّسْتُ، (p-١٤٢)فَقُلِبَتِ السِّينُ ياءً، كَما قالُوا: قَصَّيْتُ أظْفارِي، أيْ: قَصَصْتُها. فَكَأنَّ النَّطِفَ بِارْتِكابِ الفَواحِشِ دَسَّ نَفْسَهُ، وقَمَعَها، ومُصْطَنِعُ المَعْرُوفِ شَهَرَ نَفْسَهُ ورَفَعَها، وكانَتْ أجْوادُ العَرَبِ تَنْزِلُ الرُّبا لِلشُّهْرَةِ. واللِّئامُ تَنْزِلُ الأطْرافَ لِتُخْفِيَ أماكِنَها. وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى " دَسّاها ": جَعَلَها قَلِيلَةً خَسِيسَةً.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا","وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا","وَٱلنَّهَارِ إِذَا جَلَّىٰهَا","وَٱلَّیۡلِ إِذَا یَغۡشَىٰهَا","وَٱلسَّمَاۤءِ وَمَا بَنَىٰهَا","وَٱلۡأَرۡضِ وَمَا طَحَىٰهَا","وَنَفۡسࣲ وَمَا سَوَّىٰهَا","فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا","قَدۡ أَفۡلَحَ مَن زَكَّىٰهَا","وَقَدۡ خَابَ مَن دَسَّىٰهَا"],"ayah":"وَٱلۡقَمَرِ إِذَا تَلَىٰهَا"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق