الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَعَلى الثَّلاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا﴾ وقَرَأ أبُو رَزِينٍ، وأبُو مِجْلَزٍ، والشَّعْبِيُّ، وابْنُ يَعْمُرَ: "خالَفُوا" بِألِفٍ. وقَرَأ مُعاذٌ القارِئُ، وعِكْرِمَةُ، وحُمَيْدُ: (p-٥١٣)"خَلَفُوا" بِفَتْحِ الخاءِ واللّامِ المُخَفَّفَةِ. وقَرَأ أبُو الجَوْزاءِ، وأبُو العالِيَةِ: "خَلَّفُوا" بِفَتْحِ الخاءِ واللّامِ مَعَ تَشْدِيدِها. وهَؤُلاءِ هُمُ المُرادُونَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ﴾ وقَدْ تَقَدَّمَتْ أسْماؤُهم [التَّوْبَةِ:١٠٦] . وفي مَعْنى "خُلِّفُوا" قَوْلانِ. أحَدُهُما: خُلِّفُوا عَنَ التَّوْبَةِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ. فَيَكُونُ المَعْنى: خُلِّفُوا عَنْ تَوْبَةِ اللَّهِ عَلى أبِي لُبابَةَ وأصْحابِهِ إذْ لَمْ يَخْضَعُوا كَما خَضَعَ أُولَئِكَ. والثّانِي: خُلِّفُوا عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، قالَهُ قَتادَةُ. وحَدِيثُهم مُنْدَرِجٌ في تَوْبَةِ كَعْبِ بْنِ مالِكٍ، وقَدْ رَوَيْتُها في كِتابِ "الحَدائِقِ" قَوْلُهُ تَعالى: ﴿حَتّى إذا ضاقَتْ عَلَيْهِمُ الأرْضُ بِما رَحُبَتْ﴾ أيْ: ضاقَتْ مَعَ سِعَتِها، وذَلِكَ أنَّ المُسْلِمِينَ مَنَعُوا مِن مُعامَلَتِهِمْ وكَلامِهِمْ، وأمَرُوا بِاعْتِزالِ أزْواجِهِمْ، وكانَ النَّبِيُّ ﷺ مُعْرِضًا عَنْهم. ﴿وَضاقَتْ عَلَيْهِمْ أنْفُسُهُمْ﴾ بِالهَمِّ والغَمِّ. (وَظَنُّوا) أيْ: أيْقَنُوا ﴿أنْ لا مَلْجَأ﴾ أيْ: لا مُعْتَصِمَ مِنَ اللَّهِ ومِن عَذابِهِ إلّا هو. ﴿ثُمَّ تابَ عَلَيْهِمْ﴾ أعادَ التَّوْبَةَ تَأْكِيدًا، ﴿لِيَتُوبُوا﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: لِيَسْتَقِيمُوا. وقالَ غَيْرُهُ: وفَّقَهم لِلتَّوْبَةِ لِيَدُومُوا عَلَيْها ولا يَرْجِعُوا إلى ما يُبْطِلُها. وسُئِلَ بَعْضُهم عَنِ التَّوْبَةِ النَّصُوحِ فَقالَ: أنْ تَضِيقَ عَلى التّائِبِ الأرْضُ، وتَضِيقَ عَلَيْهِ نَفْسُهُ، كَتَوْبَةِ كَعْبٍ وصاحِبَيْهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب