الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تَقُمْ فِيهِ﴾ أيْ: لا تُصَلِّ فِيهِ أبَدًا. ﴿لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلى التَّقْوى﴾ أيْ: بُنِيَ عَلى الطّاعَةِ، وبَناهُ المُتَّقُونَ (مِن أوَّلِ يَوْمٍ) أيْ: مُنْذُ أوَّلِ يَوْمٍ. قالَ الزَّجّاجُ: "مِن" في الزَّمانِ، والأصْلُ: مُنْذُ ومُذْ، وهو الأكْثَرُ في الِاسْتِعْمالِ. وجائِزٌ دُخُولُ "مِن" لِأنَّها الأصْلُ في ابْتِداءِ الغايَةِ والتَّبْعِيضِ، ومِثْلُهُ قَوْلُ زُهَيْرٌ: ؎ لِمَنِ الدِّيارُ بِقُنَّةِ الحَجَرِ أقْوَيْنَ مِن حِجَجٍ ومِن شَهْرِ وَقِيلَ مَعْناهُ: مَن مَرِّ حِجَجٍ ومِن مَرِّ شَهْرٍ. وفي هَذا المَسْجِدِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ مَسْجِدُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالمَدِينَةِ الَّذِي فِيهِ مِنبَرُهُ وقَبْرُهُ. رَوى سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ «أنَّ رَجُلَيْنِ اخْتَلَفا في عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ في المَسْجِدِ الَّذِي أُسِّسَ عَلى (p-٥٠١)التَّقْوى، فَقالَ أحَدُهُما: هو مَسْجِدُ الرَّسُولِ، وقالَ الآَخَرُ: هو مَسْجِدُ قِباءٍ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لَلنَّبِيِّ ﷺ، فَقالَ "هُوَ مَسْجِدِي هَذا"» وبِهِ قالَ ابْنُ عُمَرَ، وزَيْدُ بْنُ ثابِتٍ، وأبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، وسَعِيدُ بْنُ المُسَيِّبِ. والثّانِي: أنَّهُ مَسْجِدُ قَباءٍ، رَواهُ عَلِيُّ بْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وقَتادَةُ، وعُرْوَةُ، وأبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، والضَّحّاكُ، ومُقاتِلٌ. والثّالِثُ: أنَّهُ كُلُّ مَسْجِدٍ بُنِيَ في المَدِينَةِ، قالَهُ مُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فِيهِ رِجالٌ يُحِبُّونَ أنْ يَتَطَهَّرُوا﴾ سَبَبُ نُزُولِها أنَّ رِجُالًا مِن أهْلِ قَباءٍ كانُوا يَسْتَنْجُونَ بِالماءِ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، قالَهُ الشَّعْبِيُّ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: «لَمّا نَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، أتاهم رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فَقالَ "ما الَّذِي أثْنى اللَّهُ بِهِ عَلَيْكُمْ" فَقالُوا: إنّا نَسْتَنْجِي بِالماءِ.» فَعَلى هَذا، المُرادُ بِهِ الطَّهارَةُ بِالماءِ. وقالَ أبُو العالِيَةِ: أنْ يَتَطَهَّرُوا مِنَ الذُّنُوبِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب