الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: صادَفَ البَقاءَ الدّائِمَ، والفَوْزَ ﴿مَن تَزَكّى﴾ فِيهِ خَمْسَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: مِن تَطَهَّرَ [مِنَ] الشِّرْكِ بِالإيمانِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: مَن أعْطى صَدَقَةَ الفِطْرِ، قالَهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ، وعَطاءٌ، وقَتادَةُ. والثّالِثُ: مَن كانَ عَمَلُهُ زاكِيًا، قالَهُ الحَسَنُ، والرَّبِيعُ. والرّابِعُ: أنَّها زَكَواتُ الأمْوالِ كُلُّها: قالَهُ أبُو الأحْوَصِ. والخامِسُ: تَكَثَّرَ بِتَقْوى اللَّهِ. ومَعْنى الزّاكِي: النّامِي الكَثِيرُ، قالَهُ الزَّجّاجُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ﴾ قَدْ سَبَقَ بَيانُهُ [الأحْزابُ: ٣١] . وَفِي قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَصَلّى﴾ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها الصَّلَواتُ الخَمْسُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُقاتِلٌ. (p-٩٢)والثّانِي: صَلاةُ العِيدَيْنِ، قالَهُ أبُو سَعِيدٍ الخُدْرِيُّ. والثّالِثُ: صَلاةُ التَّطَوُّعِ، قالَهُ أبُو الأحْوَصِ. والقَوْلُ قَوْلُ ابْنِ عَبّاسٍ في الآيَتَيْنِ، فَإنَّ هَذِهِ السُّورَةَ مَكِّيَّةٌ بِلا خِلافٍ، ولَمْ يَكُنْ بِمَكَّةَ زَكاةٌ، ولا عِيدٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿بَلْ تُؤْثِرُونَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ قَرَأ أبُو عَمْرٍو، وابْنُ قُتَيْبَةَ، وزَيْدٌ عَنْ يَعْقُوبَ: " بَلْ يُؤْثِرُونَ " بِالياءِ، والباقُونَ بِالتّاءِ، واخْتارَ الفَرّاءُ والزَّجّاجُ التّاءَ، لِأنَّها رُوِيَتْ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: " بَلْ أنْتُمْ تُؤْثِرُونَ " . فَإنْ أُرِيدَ بِذَلِكَ الكَفّارُ، فالمَعْنى: أنَّهم يُؤْثِرُونَ الدُّنْيا عَلى الآخِرَةِ، لِأنَّهم لا يُؤْمِنُونَ بِها، وإنْ أُرِيدَ بِهِ المُسْلِمُونَ، فالمَعْنى: يُؤْثِرُونَ الِاسْتِكْثارَ مِنَ الدُّنْيا عَلى الِاسْتِحْسانِ مِنَ الثَّوابِ. قالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: إنَّ الدُّنْيا عُجِّلَتْ لَنا، وإنَّ الآخِرَةَ نُعِتَتْ لَنا، وزُوِيَتْ عَنّا، فَأخَذْنا بِالعاجِلِ [وَتَرَكْنا الآجِلَ] . قَوْلُهُ تَعالى: ( والآخِرَة خَيْر لَك ) يَعْنِي: الجَنَّةُ أفْضَلُ ﴿وَأبْقى﴾ أيْ: أدْوَمُ مِنَ الدُّنْيا. ﴿إنَّ هَذا لَفي الصُّحُفِ الأُولى﴾ في المُشارِ إلَيْهِ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. (p-٩٣)أحَدُها: أنَّهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والآخِرَةُ خَيْرٌ وأبْقى﴾ قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: هَذِهِ السُّورَةُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، والسُّدِّيُّ. والثّالِثُ: أنَّهُ لَمْ يُرِدْ [أنَّ مَعْنى] السُّورَةِ [فِي الصُّحُفِ الأُولى]، ولا الألْفاظَ بِعَيْنِها، وإنَّما أرادَ أنَّ الفَلاحَ لِمَن تَزَكّى وذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلّى، في الصُّحُفِ الأُولى، كَما هو في القُرْآنِ، قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ. والرّابِعُ: أنَّهُ مِن قَوْلِهِ تَعالى: ﴿قَدْ أفْلَحَ مَن تَزَكّى﴾ إلى قَوْلِهِ: ﴿وَأبْقى﴾ قالَهُ ابْنُ جَرِيرٍ. ثُمَّ بَيَّنَ الصُّحُفَ الأُولى ما هِيَ، فَقالَ: ﴿صُحُفِ إبْراهِيمَ ومُوسى﴾ وقَدْ فَسَّرْناها في [النَّجْمِ: ٣٦] .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب