الباحث القرآني
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿واعْلَمُوا أنَّما غَنِمْتُمْ مِن شَيْءٍ﴾ اخْتَلَفُوا، هَلِ الغَنِيمَةُ والفَيْءُ بِمَعْنًى واحِدٍ، أمْ يَخْتَلِفانِ؟ عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: أنَّهُما يَخْتَلِفانِ. ثُمَّ في ذَلِكَ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ الغَنِيمَةَ: ما ظُهِرَ عَلَيْهِ مِن أمْوالِ المُشْرِكِينَ، والفَيْءِ: ما ظُهِرَ عَلَيْهِ مِنَ الأرْضِينَ، قالَهُ عَطاءُ بْنُ السّائِبِ. والثّانِي: أنَّ الغَنِيمَةَ: ما أُخِذَ عُنْوَةً والفَيْءُ، ما أُخِذَ عَنْ صُلْحٍ، قالَهُ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ. وقِيلَ: بَلِ الفَيْءُ: ما لَمْ يُوجَفْ عَلَيْهِ بَخِيلٍ ولا رِكابٍ، كالعُشُورِ، والجِزْيَةِ، وأمْوالِ المُهادَنَةِ، والصُّلْحِ، وما هَرَبُوا عَنْهُ.
والثّانِي: أنَّهُما واحِدٌ، وهُما: كُلُّ ما نِيلَ مِنَ المُشْرِكِينَ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ. وقالَ الزَّجّاجُ: الأمْوالُ ثَلاثَةُ أصْنافٍ؛ فَما صارَ إلى المُسْلِمِينَ مِنَ المُشْرِكِينَ في حالِ الحَرْبِ، فَقَدْ سَمّاهُ اللَّهُ تَعالى: أنْفالًا وغَنائِمَ؛ وما صارَ مِنَ المُشْرِكِينَ مِن خَراجٍ أوْ جِزْيَةٍ مِمّا لَمْ يُؤْخَذْ في الحَرْبِ، فَقَدْ سَمّاهُ: فَيْئًا؛ وما خَرَجَ مِن أمْوالِ المُسْلِمِينَ، كالزَّكاةِ والنُّذُرِ، والقِرَبِ، سَمّاهُ: صَدَقَةً. وأمّا قَوْلُهُ: ﴿مِن شَيْءٍ﴾ فالمُرادُ بِهِ: كُلُّ ما وقَعَ عَلَيْهِ اسْمُ الشَّيْءِ. قالَ مُجاهِدٌ: المَخِيطُ مِنَ الشَّيْءِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ﴾ ورَوى عَبْدُ الوارِثِ: "خُمْسَهُ" بِسُكُونِ المِيمِ. وفي المُرادِ بِالكَلامِ قَوْلانِ. (p-٣٥٩)أحَدُهُما: أنَّ نَصِيبَ اللَّهِ مُسْتَحَقٌّ يُصْرَفُ إلى بَيْتِهِ. قالَ أبُو العالِيَةِ: كانَ يُجاءُ بِالغَنِيمَةِ فَيُقَسِّمُها رَسُولُ اللَّهِ ﷺ عَلى خَمْسَةِ أسْهُمٍ، فَيُقَسِّمُ أرْبَعَةً بَيْنَ النّاسِ، ثُمَّ يَجْعَلُ مِنَ السَّهْمِ الخامِسَ لَلْكَعْبَةِ؛ وهَذا مِمّا انْفَرَدَ بِهِ أبُو العالِيَةِ فِيما يُقالُ.
والثّانِي: أنَّ ذِكْرَ اللَّهِ هاهُنا لِأحَدِ وجْهَيْنِ. أحَدُهُما: لِأنَّهُ المُتَحَكِّمُ فِيهِ، والمالِكُ لَهُ، والمَعْنى: فَإنَّ لَلرَّسُولِ خَمْسَةٌ ولِذِي القُرْبى، كَقَوْلِهِ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ قُلِ الأنْفالِ لِلَّهِ والرَّسُولِ﴾ [الأنْفالِ:١] . والثّانِي: أنْ يَكُونَ المَعْنى: أنَّ الخُمْسَ مَصْرُوفٌ في وُجُوهِ القُرْبِ إلى اللَّهِ، تَعالى، وهَذَّ قَوْلُ الجُمْهُورِ. فَعَلى هَذا، تَكُونُ الواوُ زائِدَةً، كَقَوْلِهِ: ﴿فَلَمّا أسْلَما وتَلَّهُ لِلْجَبِينِ﴾ ﴿وَنادَيْناهُ﴾ بِالصّافّاتِ:١٠٣] المَعْنى: نادَيْناهُ؛ ومِثْلُهُ كَثِيرٌ.
* فَصْلٌ
أجْمَعَ العُلَماءُ عَلى أنَّ أرْبَعَةَ أخْماسِ الغَنِيمَةِ لِأهْلِ الحَرْبِ خاصَّةً؛ فَأمّا الخُمْسُ الخامِسُ، فَكَيْفَ يُقَسَّمُ؟ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: يُقَسَّمُ مِنهُ لَلَّهِ ولِلرَّسُولِ ولِمَن ذُكِرَ في الآَيَةِ. وقَدْ ذَكَرْنا أنَّ هَذا مِمّا انْفَرَدَ بِهِ أبُو العالِيَةِ، وهو يَقْتَضِي أنْ يُقَسِّمَ عَلى سِتَّةِ أسْهُمٍ.
والثّانِي: أنَّهُ مَقْسُومٌ عَلى خَمْسَةِ أسْهُمٍ: سَهْمٌ لِلرَّسُولِ وسَهْمٌ لِذَوِي القُرْبى، وسَهْمٌ لِلْيَتامى، وسَهْمٌ لِلْمَساكِينِ، وسَهْمٌ لِأبْناءِ السَّبِيلِ، عَلى ظاهِرِ الآَيَةِ، وبِهِ قالَ الجُمْهُورُ.
والثّالِثُ: أنَّهُ يُقَسَّمُ عَلى أرْبَعَةِ أسْهُمٍ. فَسَهْمُ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ وسَهْمُ رَسُولِهِ عائِدٌ عَلى ذَوِي القُرْبى، لِأنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ لَمْ يَكُنْ يَأْخُذُ مِنهُ شَيْئًا، وهَذا المَعْنى رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. (p-٣٦٠)* فَصْلٌ
فَأمّا سَهْمُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَإنَّهُ كانَ يَصْنَعُ فِيهِ ما بَيَّنّا، وهَلْ سَقَطَ بِمَوْتِهِ، أمْ لا؟ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: لَمْ يَسْقُطْ بِمَوْتِهِ، وبِهِ قالَ أحْمَدُ، والشّافِعِيُّ في آَخَرِينَ. وفِيما يَصْنَعُ بِهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ لَلْخَلِيفَةِ بَعْدَهُ، قالَهُ قَتادَةُ. والثّانِي: أنَّهُ يَصْرِفُ في المَصالِحِ، وبِهِ قالَ أحْمَدُ، والشّافِعِيُّ.
والثّانِي: أنَّهُ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ كَما يَسْقُطُ الصَّفِّيُّ، فَيَرْجِعُ إلى جُمْلَةِ الغَنِيمَةِ، وبِهِ قالَ أبُو حَنِيفَةَ. وأمّا ذَوُو القُرْبى، فَفِيهِمْ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهم جَمِيعُ قُرَيْشٍ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: كُنّا نَقُولُ: نَحْنُ هُمْ؛ فَأبى عَلَيْنا قَوْمُنا، وقالُوا: قُرَيْشٌ كُلُّها ذَوُو قُرْبى.
والثّانِي: بَنُو هاشِمٍ، وبَنُو المَطَّلِبِ، وبِهِ قالَ أحْمَدُ، والشّافِعِيُّ. والثّالِثُ: أنَّهم بَنُو هاشِمٍ فَقَطْ، قالَهُ أبُو حَنَفِيةَ. وبِماذا يَسْتَحِقُّونَ؟ فِيهِ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: بِالقَرابَةِ، وإنْ كانُوا أغْنِياءَ، وبِهِ قالَ أحْمَدُ، والشّافِعِيُّ.
والثّانِي: بِالفَقْرِ، لا بِالِاسْمِ، وبِهِ قالَ أبُو حَنِيفَةَ. وقَدْ سَبَقَ في [البَقَرَةِ:١٧٧] مَعْنى اليَتامى والمَساكِينَ وابْنِ السَّبِيلِ. ويَنْبَغِي أنْ تُعْتَبَرَ في اليَتِيمِ أرْبَعَةُ أوْصافٍ: مَوْتُ الأبِ، وإنْ كانَتِ الأُمُّ باقِيَةً. والصِّغَرُ، لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلامُ: « "لا يُتْمَ بَعْدَ حُلُمٍ"» والإسْلامِ، لِأنَّهُ مالٌ لِلْمُسْلِمِينَ. والحاجَةُ، لِأنَّهُ مُعَدٌّ لَلْمَصالِحِ. (p-٣٦١)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما أنْزَلْنا عَلى عَبْدِنا يَوْمَ الفُرْقانِ﴾ هو يَوْمُ بَدْرٍ، فَرَّقَ فِيهِ بَيْنَ الحَقِّ والباطِلِ بِنْصُرُ المُؤْمِنِينَ. والَّذِي أُنْزِلَ عَلَيْهِ يَوْمَئِذٍ قَوْلُهُ: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ الأنْفالِ﴾ [الأنْفالِ:١] نَزَلَتْ حِينَ اخْتَلَفُوا فِيها، فالمَعْنى: إنْ كُنْتُمْ آَمَنتُمْ بِذَلِكَ، فاصْدُرُوا عَنْ أمْرِ الرَّسُولِ في هَذا أيْضًا.
{"ayah":"۞ وَٱعۡلَمُوۤا۟ أَنَّمَا غَنِمۡتُم مِّن شَیۡءࣲ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُۥ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِی ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡیَتَـٰمَىٰ وَٱلۡمَسَـٰكِینِ وَٱبۡنِ ٱلسَّبِیلِ إِن كُنتُمۡ ءَامَنتُم بِٱللَّهِ وَمَاۤ أَنزَلۡنَا عَلَىٰ عَبۡدِنَا یَوۡمَ ٱلۡفُرۡقَانِ یَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِۗ وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَیۡءࣲ قَدِیرٌ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق











