الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَإذا جاءَتِ الطّامَّةُ الكُبْرى﴾ والطّامَّةُ: الحادِثَةُ الَّتِي تَطِمُّ عَلى ما سِواها، أيْ: تَعْلُو فَوْقَهُ. وفي المُرادِ بِها هاهُنا ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: النَّفْخَةُ الثّانِيَةُ الَّتِي فِيها البَعْثُ. (p-٢٤)والثّانِي: أنَّها حِينَ يُقالُ لِأهْلِ النّارِ؛ قُومُوا إلى النّارِ. والثّالِثُ: أنَّها حِينَ يُساقُ أهْلُ الجَنَّةِ إلى الجَنَّةِ، وأهْلُ النّارِ إلى النّارِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَتَذَكَّرُ الإنْسانُ ما سَعى﴾ أيْ: ما عَمِلَ مِن خَيْرٍ وشَرٍّ ﴿وَبُرِّزَتِ الجَحِيمُ لِمَن يَرى﴾ أيْ: لِأبْصارِ النّاظِرِينَ. قالَ مُقاتِلٌ: يُكْشَفُ عَنْها الغِطاءُ فَيَنْظُرُ إلَيْها الخَلْقُ. وقَرَأ أبُو مِجْلَزٍ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ " لِمَن تَرى " بِالتّاءِ. وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُعاذٌ القارِيءُ " لِمَن رَأى " بِهَمْزَةٍ بَيْنَ الرّاءِ والألِفِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأمّا مَن طَغى﴾ في كُفْرِهِ ﴿وَآثَرَ الحَياةَ الدُّنْيا﴾ عَلى الآخِرَةِ ﴿فَإنَّ الجَحِيمَ هي المَأْوى﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ هي المَأْوى لَهُ. وهَذا جَوابُ ﴿فَإذا جاءَتِ الطّامَّةُ﴾ فَإنَّ الأمْرَ كَذَلِكَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأمّا مَن خافَ مَقامَ رَبِّهِ﴾ قَدْ ذَكَرْناهُ في سُورَةِ [الرَّحْمَنِ: ٤٦] . قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَنَهى النَّفْسَ عَنِ الهَوى﴾ أيْ: عَمّا تَهْوى مِنَ المَحارِمِ. قالَ مُقاتِلٌ: هو الرَّجُلُ يَهُمُّ بِالمَعْصِيَةِ، فَيَذْكُرُ مَقامَهُ لِلْحِسابِ، فَيَتْرُكُها. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿يَسْألُونَكَ عَنِ السّاعَةِ أيّانَ مُرْساها﴾ قَدْ سَبَقَ في [الأعْرافِ: ١٨٧] ﴿فِيمَ أنْتَ مِن ذِكْراها﴾ أيْ: لَسْتَ في شَيْءٍ مِن عِلْمِها وذِكْرِها. والمَعْنى: أنَّكَ لا تَعْلَمُها ﴿إلى رَبِّكَ مُنْتَهاها﴾ أيْ: مُنْتَهى عِلْمِها ﴿إنَّما أنْتَ مُنْذِرُ مَن يَخْشاها﴾ وقَرَأ أبُو جَعْفَرٍ " مُنْذِرٌ " بِالتَّنْوِينِ. ومَعْنى الكَلامِ: إنَّما أنْتَ مُخَوِّفٌ مَن يَخافُها. والمَعْنى: إنَّما يَنْفَعُ إنْذارُكَ مَن يَخافُها، وهو المُؤْمِنُ بِها. وأمّا مَن لا يَخافُها فَكَأنَّهُ لَمْ يُنْذَرْ ﴿كَأنَّهُمْ﴾ يَعْنِي: كُفّارَ قُرَيْشٍ ﴿يَوْمَ يَرَوْنَها﴾ أيْ: يُعايِنُونَ القِيامَةَ ﴿لَمْ يَلْبَثُوا﴾ في الدُّنْيا. وقِيلَ: في قُبُورِهِمْ ﴿إلا عَشِيَّةً أوْ ضُحاها﴾ أيْ: قَدْرُ آخِرِ النَّهارِ مِن بَعْدِ العَصْرِ، أوْ أوَّلِهِ إلى أنْ تَرْتَفِعَ (p-٢٥)الشَّمْسُ. قالَ الزَّجّاجُ: والهاءُ والألِفِ في " ضُحاها " عائِدانِ إلى العَشِيَّةِ. والمَعْنى: إلّا عَشِيَّةً، أوْ ضُحى العَشِيَّةِ. قالَ الفَرّاءُ: فَإنْ قِيلَ: لِلْعَشِيَّةِ ضُحًى، إنَّما الضُّحى لِصَدْرِ النَّهارِ؟ فالجَوابُ: أنَّ هَذا ظاهِرٌ في كَلامِ العَرَبِ أنْ يَقُولُوا: آتِيكَ العَشِيَّةَ، أوْ غَداتَها، أوْ آتِيكَ الغَداةَ، أوْ عَشِيَّتَها، فَتَكُونُ العَشِيَّةُ في مَعْنى " آخِرٍ "، والغَداةُ في مَعْنى " أوَّلَ " . أنْشَدَنِي بَعْضُ بَنِي عُقَيْلٍ: ؎ نَحْنُ صَبَحْنا عامِرًا في دارِها عَشِيَّةَ الهِلالِ أوْ سِرارِها أرادَ: عَشِيَّةَ الهِلالِ، أوْ عَشِيَّةَ سِرارِ العَشِيَّةِ، فَهَذا أشَدُّ مِن قَوْلِهِمْ: آتِيكَ الغَداةَ أوْ عَشِيَّتَها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب