الباحث القرآني

(p-٤٢٧)سُورَةُ الدَّهْرِ سُورَةُ هَلْ أتى: ويُقالُ لَها: سُورَةُ الإنْسانِ وَفِيها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها مَدَنِيَّةٌ كُلُّها، قالَهُ الجُمْهُورُ مِنهُمْ، مُجاهِدٌ وقَتادَةُ. والثّانِي: مَكِّيَّةٌ، قالَهُ ابْنُ يَسارٍ، ومُقاتِلٌ، وحُكِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: أنَّ فِيها مَكِّيًّا ومَدَنِيًّا. ثُمَّ في ذَلِكَ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ المَكِّيَّ مِنها آيَةٌ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تُطِعْ مِنهم آثِمًا أوْ كَفُورًا﴾ وباقِيها جَمِيعُهُ مَدَنِيٌّ، قالَهُ الحَسَنُ وعِكْرِمَةُ. والثّانِي: أنَّ أوَّلَها مَدَنِيٌّ إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ القُرْآنَ﴾ [الإنْسانِ: ٢٤] ومِن هَذِهِ الآيَةِ إلى آخِرِها مَكِّيٌّ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هَلْ أتى﴾ قالَ الفَرّاءُ: مَعْناهُ: قَدْ أتى. و"هَلْ" تَكُونُ خَبَرًا، وتَكُونُ جَحْدًا، فَهَذا مِنَ الخَبَرِ، لِأنَّكَ تَقُولُ: هَلْ وعَظْتُكَ؟ هَلْ (p-٤٢٨)أعْطَيْتُكَ؟ فَتُقَرِّرُهُ بِأنَّكَ قَدْ فَعَلْتَ ذَلِكَ. والجَحْدُ، أنْ تَقُولَ: وهَلْ يَقْدِرُ أحَدٌ عَلى مِثْلِ هَذا؟ وهَذا قَوْلُ المُفَسِّرِينَ، وأهْلِ اللُّغَةِ. وفي هَذا الإنْسانِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ آدَمُ عَلَيْهِ السَّلامُ. والحِينُ الَّذِي أتى عَلَيْهِ: أرْبَعُونَ سَنَةً، وكانَ مُصَوَّرًا مِن طِينٍ لَمْ يَنْفُخْ فِيهِ الرُّوحُ، هَذا قَوْلُ الجُمْهُورِ. والثّانِي: أنَّهُ جَمِيعُ النّاسِ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وابْنِ جُرَيْجٍ، فَعَلى هَذا يَكُونُ الإنْسانُ اسْمَ جِنْسٍ، ويَكُونُ الحِينُ زَمانَ كَوْنِهِ نُطْفَةً، وعَلَقَةً، ومُضْغَةً. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ المَعْنى: أنَّهُ كانَ شَيْئًا، غَيْرَ أنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَذْكُورًا. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا خَلَقْنا الإنْسانَ﴾ يَعْنِي: ولَدَ آدَمَ "مِن نُطْفَةٍ أمْشاجٍ" قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أيْ: أخْلاطٍ. يُقالُ: مَشَجْتُهُ، فَهو مَشِيجٌ، يُرِيدُ: اخْتِلاطُ ماءِ المَرْأةِ بِماءِ الرَّجُلِ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿نَبْتَلِيهِ﴾ قالَ الفَرّاءُ: هَذا مُقَدَّمٌ، ومَعْناهُ التَّأْخِيرُ، لِأنَّ المَعْنى: خَلَقْناهُ وجَعَلْناهُ سَمِيعًا بَصِيرًا لِنَبْتَلِيَهُ. قالَ الزَّجّاجُ: المَعْنى: جَعَلْناهُ كَذَلِكَ لِنَخْتَبِرَهُ. وقَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ﴾ أيْ: بَيَّنّا لَهُ سَبِيلَ الهُدى بِنَصْبِ الأدِلَّةِ، وبَعْثِ الرَّسُولِ ﴿إمّا شاكِرًا﴾ أيْ: خَلَقْناهُ إمّا شاكِرًا ﴿وَإمّا كَفُورًا﴾ قالَ (p-٤٢٩)الفَرّاءُ: بَيَّنّا لَهُ الطَّرِيقَ إنْ شَكَرَ، أوْ كَفَرَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب