الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإنْ كانَ طائِفَةٌ مِنكم آمَنُوا بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ وطائِفَةٌ لَمْ يُؤْمِنُوا﴾ أيْ: إنِ اخْتَلَفْتُمْ في رِسالَتِي، فَصِرْتُمْ فَرِيقَيْنِ، مُصَدِّقِينَ ومُكَذِّبِينَ ﴿فاصْبِرُوا حَتّى يَحْكُمَ اللَّهُ بَيْنَنا﴾ بِتَعْذِيبِ المُكَذِّبِينَ، وإنْجاءِ المُصَدِّقِينَ ﴿وَهُوَ خَيْرُ الحاكِمِينَ﴾ لِأنَّهُ العَدْلُ الَّذِي لا يَجُورُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿أوْ لَتَعُودُنَّ في مِلَّتِنا﴾ يَعْنُونَ دِينَنا، وهو الشِّرْكُ. قالَ الفَرّاءُ: جَعَلَ في قَوْلِهِ:" لَتُعُودُنَّ" لامًا كَجَوابِ اليَمِينِ، وهو في مَعْنى شَرْطٍ؛ ومِثْلُهُ في الكَلامِ: واللَّهِ لَأضْرِبَنَّكَ أوْ تُقِرَّ لِي، فَيَكُونُ مَعْناهُ مَعْنى:" إلّا" أوْ مَعْنى:" حَتّى" . ﴿قالَ أوَلَوْ كُنّا كارِهِينَ﴾ أيْ: أوَتُجْبِرُونَنا عَلى مِلَّتِكم إنْ كَرِهْناها؟ والألِفُ لَلِاسْتِفْهامِ. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ قالُوا:" لَتَعُودُنَّ" وشُعَيْبٌ لَمْ يَكُنْ في كُفْرٍ قَطُّ، فَيَعُودُ إلَيْهِ؟ فَعَنْهُ جَوابانِ. أحَدُهُما: أنَّهم لَمّا جَمَعُوا في الخِطابِ مَعَهُ مَن كانَ كافِرًا، ثُمَّ آَمَنَ، خاطَبُوا شُعَيْبًا بِخِطابِ أتْباعِهِ، وغَلَبُوا لَفْظَهم عَلى لَفْظِهِ، لِكَثْرَتِهِمْ، وانْفِرادِهِ. (p-٢٣١)والثّانِي: أنَّ المَعْنى: لَتُصَيَّرُنَّ إلى مِلَّتِنا؛ فَوَقَعَ العَوْدُ عَلى مَعْنى الِابْتِداءِ، كَما يُقالُ: قَدْ عادَ عَلَيَّ مِن فُلانٍ مَكْرُوهٌ، أيْ: قَدْ لَحِقَنِي مِنهُ ذَلِكَ؛ وإنْ لَمْ يَكُنْ سَبَقَ مِنهُ مَكْرُوهٌ. قالَ الشّاعِرُ: ؎ فَإنْ تَكُنِ الأيّامُ أحْسَنَ مَرَّةً إلَيَّ فَقَدْ عادَتْ لَهُنَّ ذُنُوبُ وَقَدْ شَرَحْنا هَذا في قَوْلِهِ: ﴿وَإلى اللَّهِ تُرْجَعُ الأُمُورُ﴾ في سُورَةِ (البَقَرَةِ:٢١٠)، وقَدْ ذَكَرَ مَعْنى الجَوابَيْنِ الزَّجّاجُ، وابْنُ الأنْبارِيِّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب