الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا تُفْسِدُوا في الأرْضِ بَعْدَ إصْلاحِها﴾ فِيهِ سِتَّةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لا تُفْسِدُوها بِالكُفْرِ بَعْدَ إصْلاحِها بِالإيمانِ. والثّانِي: لا تُفْسِدُوها بِالظُّلْمِ بَعْدَ إصْلاحِها بِالعَدْلِ. والثّالِثُ: لا تُفْسِدُوها بِالمَعْصِيَةِ بَعْدَ إصْلاحِها بِالطّاعَةِ. والرّابِعُ: لا تَعْصُوا فَيُمْسِكُ اللَّهُ المَطَرَ، ويُهْلِكُ الحَرْثَ بِمَعاصِيكم بَعْدَ أنْ أصْلَحَها (p-٢١٦)بِالمَطَرِ والخَصْبِ. والخامِسُ: لا تُفْسِدُوها بِقَتْلِ المُؤْمِنِ بَعْدَ إصْلاحِها بِبَقائِهِ. والسّادِسُ: لا تُفْسِدُوها بِتَكْذِيبِ الرُّسُلِ بَعْدَ إصْلاحِها بِالوَحْيِ. وَفِي قَوْلِهِ: ﴿وادْعُوهُ خَوْفًا وطَمَعًا﴾ قَوْلانِ. أحَدُهُما: خَوْفًا مِن عِقابِهِ، وطَمَعًا في ثَوابِهِ. والثّانِي: خَوْفًا مِنَ الرَّدِّ وطَمَعًا في الإجابَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ المُحْسِنِينَ﴾ قالَ الفَرّاءُ: رَأيْتُ العَرَبَ تُؤَنِّثُ القَرِيبَةَ في النَّسَبِ، لا يَخْتَلِفُونَ في ذَلِكَ، فَإذا قالُوا: دارُكَ مِنّا قَرِيبٌ، أوْ فُلانَةٌ مِنّا قَرِيبٌ، مِنَ القُرْبِ والبُعْدِ، ذَكَرُوا وأنَّثُوا، وذَلِكَ أنَّهم جَعَلُوا القَرِيبَ خَلَفًا مِنَ المَكانِ، كَقَوْلِهِ: ﴿وَما هي مِنَ الظّالِمِينَ بِبَعِيدٍ﴾ [هُودَ:٨٣]، و قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَما يُدْرِيكَ لَعَلَّ السّاعَةَ تَكُونُ قَرِيبًا﴾ [الأحْزابِ: ٦٣]، ولَوْ أنَّثَ ذَلِكَ لَكانَ صَوابًا. قالَ عُرْوَةُ: ؎ عَشِيَّةَ لا عَفْراءُ مِنكَ قَرِيبَةٌ فَتَدْنُو ولا عَفْراءُ مِنكَ بَعِيدُ وَقالَ الزَّجّاجُ: إنَّما قِيلَ: "قَرِيبٌ" لِأنَّ الرَّحْمَةَ والغُفْرانَ والعَفْوَ بِمَعْنًى واحِدٍ، وكَذَلِكَ كَلُّ تَأْنِيثٍ لَيْسَ بِحَقِيقِيٍّ. وقالَ الأخْفَشُ: جائِزٌ أنْ تَكُونَ الرَّحْمَةُ هاهُنا في مَعْنى المَطَرِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب