الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ مَن حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. (p-١٨٩)أحَدُها: أنَّ المُشْرِكِينَ عَيَّرُوا المُسْلِمِينَ، إذْ لَبِسُوا الثِّيابَ في الطَّوافِ، وأكَلُوا الطَّيِّباتِ، فَنَزَلَتْ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهم كانُوا يُحَرِّمُونَ أشْياءً أحَلَّها اللَّهُ، مِنَ الزُّرُوعِ وغَيْرِها، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: نَزَلَتْ في طَوافِهِمْ بِالبَيْتِ عُراةً، قالَهُ طاوُسُ، وعَطاءٌ. وفي زِينَةِ اللَّهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها سَتْرُ العَوْرَةِ؛ فالمَعْنى: مَن حَرَّمَ أنْ تَلْبَسُوا في طَوافِكم ما يَسْتُرُكُمْ؟ . والثّانِي: أنَّها زِينَةُ اللِّباسِ. وفي الطَّيِّباتِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها الحَلالُ. والثّانِي: المُسْتَلَذُّ. ثُمَّ في ما عُنِيَ بِها ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّها البَحائِرُ، والسَّوائِبُ، والوَصائِلُ، والحَوّامِي الَّتِي حَرَّمُوها، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، وقَتادَةُ. والثّانِي: أنَّها السَّمْنُ، والألْبانُ، واللَّحْمُ، وكانُوا حَرَّمُوهُ في الإحْرامِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والثّالِثُ: الحَرْثُ، والأنْعامُ، والألْبانُ، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قُلْ هي لِلَّذِينَ آمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا خالِصَةً﴾ قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: "خالِصَةً" نُصِبَ عَلى الحالِ مِن لامٍ مُضْمَرَةٍ، تَقْدِيرُها: هي لَلَّذِينِ آَمَنُوا في الحَياةِ الدُّنْيا مُشْتَرَكَةٌ، وهي لَهم في الآَخِرَةِ خالِصَةٌ، فَحُذِفَتِ اللّامُ لِوُضُوحِ مَعْناها، كَما تَحْذِفُ العَرَبُ أشْياءَ لا يَلْبَسُ سُقُوطُها. قالَ الشّاعِرُ: ؎ تَقُولُ ابْنَتِي لَمّا رَأتْنِي شاحِبًا كَأنَّكَ يَحْمِيكَ الطَّعامَ طَبِيبُ ∗∗∗ تَتابُعُ أحْداثٍ تَخِرُّ مِن إخْوَتِي ∗∗∗ فَشَيَّبْنَ رَأْسِي والخُطُوبُ تَشِيبُ (p-١٩٠)أرادَ: فَقُلْتُ لَها: الَّذِي اكْسَبْنِي ما تَرَيْنَ، تُتابُعُ أحْداثٍ، فَحَذَفَ لانْكِشافِ المَعْنى. قالَ المُفَسِّرُونَ: إنَ المُشْرِكِينَ شارَكُوا المُؤْمِنِينَ في الطَّيِّباتِ، فَأكَلُوا ولَبِسُوا ونَكَحُوا، ثُمَّ يُخْلِصُ اللَّهُ الطَّيِّباتِ في الآَخِرَةِ لَلْمُؤْمِنِينَ، ولَيْسَ لَلْمُشْرِكِينَ فِيها شَيْءٌ. وقِيلَ: خالِصَةٌ لَهم مِن ضَرَرٍ أوْ إثْمٍ. وقَرَأ نافِعٌ: "خالِصَةٌ" بِالرَّفْعِ. قالَ الزَّجّاجُ: ورَفَعَها عَلى أنَّهُ خَبَرٌ بَعْدَ خَبَرٍ، كَما تَقُولُ: زَيْدٌ عاقِلٌ لَبِيبٌ؛ والمَعْنى: قُلْ هي ثابِتَةٌ لَلَّذِينِ آَمَنُوا في الدُّنْيا، خالِصَةٌ يَوْمَ القِيامَةِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ﴾ أيْ: هَكَذا نُبَيِّنُها.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب