الباحث القرآني

أحَدُها: خَلَقْنا لَكم. والثّانِي: ألْهَمْناكم كَيْفِيَّةَ صُنْعِهِ. والثّالِثُ: أنْزَلْنا المَطَرَ الَّذِي هو سَبَبُ نَباتِ ما يُتَّخَذُ لِباسًا. وأكْثَرُ القُرّاءِ قَرَؤُوا: "وَرِيشًا" . وقَرَأ ابْنُ عَبّاسٍ، والحَسَنُ، وزِرُّ بْنُ حُبَيْشٍ، وقَتادَةُ، والمُفَضَّلُ، وأبانُ عَنْ عاصِمٍ: "وَرِياشًا" بِألِفٍ. قالَ الفَرّاءُ: يَجُوزُ أنْ تَكُونَ الرِّياشُ جَمِيعَ الرِّيشِ. ويَجُوزُ أنْ تَكُونَ بِمَعْنى الرِّيشِ كَما قالُوا: لُبْسٌ، ولِباسٌ. (p-١٨٢)قالَ الشّاعِرُ: ؎ فَلَمّا كَشَفْنَ اللِّبْسَ عَنْهُ مَسَحْنَهُ بِأطْرافِ طِفْلٍ زانَ غَيْلًا مُوَشَّمًا قالَ ابْنُ عَبّاسٍ، ومُجاهِدٌ: "الرِّياشُ": المالُ؛ وقالَ عَطاءٌ: المالُ والنَّعِيمُ، وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: الرِّيشُ: الجَمالُ؛ وقالَ مَعْبَدُ الجُهَنِيُّ: الرِّيشُ: الرِّزْقُ؛ وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: الرِّيشُ والرِّياشُ: ما ظَهَرَ مِنَ اللِّباسِ. وقالَ الزَّجّاجُ: الرِّيشُ: اللِّباسُ وكُلُّ ما سَتَرَ الإنْسانَ في جِسْمِهِ ومَعِيشَتِهِ. يُقالُ: تَرَيَّشَ فَلانٌ، أيْ: صارَ لَهُ ما يَعِيشُ بِهِ. أنْشَدَ سِيبَوَيْهِ: ؎ رِياشَيْ مِنكم وهَوايَ مَعَكم ∗∗∗ وإنْ كانَتْ زِيارَتُكم لِمامًا وَعَلى قَوْلِ الأكْثَرِينَ: الرِّيشُ والرِّياشُ بِمَعْنًى. قالَ قُطْرُبٌ: الرِّيشُ والرِّياشُ واحِدٌ. وقالَ سُفْيانُ الثَّوْرِيُّ: الرِّيشُ: المالُ، والرِّياشُ: الثِّيابُ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلِباسُ التَّقْوى﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وعاصِمٌ، وحَمْزَةُ: "وَلِباسُ التَّقْوى" بِالرَّفْعِ. وقَرَأ ابْنُ عامِرٍ، ونافِعٌ، والكِسائِيُّ: بِنَصْبِ اللِّباسِ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن نَصَّبَ اللِّباسَ، عَطَفَ بِهِ عَلى الرِّيشِ؛ ومَن رَفَعَهُ، فَيَجُوزُ أنْ يَكُونَ مُبْتَدَأ، ويَجُوزُ أنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بِإضْمارِ: هُوَ؛ المَعْنى: وهو لِباسُ التَّقْوى، أيْ: وسَتْرُ العَوْرَةِ لِباسُ المُتَّقِينَ. ولِلْمُفَسِّرِينَ في لِباسِ التَّقْوى عَشْرَةُ أقْوالٍ. (p-١٨٣)أحَدُها: أنَّهُ السَّمْتُ الحَسَنُ، قالَهُ عُثْمانُ بْنُ عَفّانَ؛ ورَواهُ الذَّيّالُ بْنُ عَمْرٍو عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: العَمَلُ الصّالِحُ، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّالِثُ: الإيمانُ، قالَهُ قَتادَةُ، وابْنُ جُرَيْجٍ، والسُّدِّيُّ؛ فَعَلى هَذا، سُمِّيَ لِباسُ التَّقْوى، لِأنَّهُ يَقِي العَذابَ. والرّابِعُ: خَشْيَةُ اللَّهِ تَعالى، قالَهُ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ. والخامِسُ: الحَياءُ، قالَهُ مَعْبَدُ الجُهَنِيُّ، وابْنُ الأنْبارِيِّ. والسّادِسُ: سَتْرُ العَوْرَةِ لَلصَّلاةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ. والسّابِعُ: أنَّهُ الدِّرْعُ، وسائِرُ آَلاتِ الحَرْبِ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ. والثّامِنُ: العَفافُ، قالَهُ ابْنُ السّائِبِ. والتّاسِعُ: أنَّهُ ما يُتَّقى بِهِ الحَرُّ والبَرْدُ، قالَهُ ابْنُ بَحْرٍ. والعاشِرُ: أنَّ المَعْنى: ما يَلْبَسُهُ المُتَّقُونَ في الآَخِرَةِ، خَيْرٌ مِمّا يَلْبَسُهُ أهْلُ الدُّنْيا، رَواهُ عُثْمانُ بْنُ عَطاءٍ عَنْ أبِيهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ خَيْرٌ﴾ قالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَعْنى: ولِباسُ التَّقْوى خَيْرٌ مِنَ الثِّيابِ، لِأنَّ الفاجِرَ، وإنْ كانَ حَسَنَ الثَّوْبِ، فَهو بادِيَ العَوْرَةِ؛ "وَذَلِكَ" زائِدَةٌ. قالَ الشّاعِرُ في هَذا المَعْنى: ؎ إنِّي كَأنِّي أرى مَن لا حَياءَ لَهُ ∗∗∗ ولا أمانَةَ وسْطَ القَوْمِ عُرْيانًا قالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: ويُقالُ: لِباسُ التَّقْوى، هو اللِّباسُ الأوَّلُ، وإنَّما أعادَهُ لَمّا أخْبَرَ عَنْهُ بِأنَّهُ خَيْرٌ مِنَ التَّعَرِّي، إذْ كانُوا يَتَعَبَّدُونَ في الجاهِلِيَّةِ بِالتَّعَرِّي في الطَّوافِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ مِن آياتِ اللَّهِ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي: الثِّيابَ والمالَ مِن آَياتِ اللَّهِ وصُنْعِهِ، لَكَيْ يَذْكُرُوا، فَيُعْتَبَرُوا في صُنْعِهِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب