الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿قالَ اخْرُجْ مِنها مَذْءُومًا﴾ وقَرَأ الأعْمَشُ: " مَذُومًا " بِضَمِّ الذّالِ (p-١٧٨)مِن غَيْرِ هَمْزٍ. قالَ الفَرّاءُ: الذَّأْمُ: الذَّمُّ؛ يُقالُ: ذَأمْتُ الرَّجُلَ، أذْأمُهُ ذَأْمًا؛ وذَمَمْتُهُ، أذُمُّهُ ذَمًّا؛ وذِمْتُهُ، أذِيمُهُ ذَيْمًا؛ ويُقالُ: رَجُلٌ مَذْؤُومٌ، ومَذْمُومٌ، ومَذِيمٌ، بِمَعْنًى. قالَ حَسّانُ بْنُ ثابِتٍ: ؎ وأقامُوا حَتّى أبِيرُوا جَمِيعًا في مَقامٍ وكُلِّهِمُ مَذْؤُومُ قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: المَذْؤُومُ: المَذْمُومُ بِأبْلَغِ الذَّمِّ. والمَدْحُورُ: المُقْصى المُبْعَدُ. وقالَ الزَّجّاجُ: مَعْنى المَذْؤُومِ كَمَعْنى المَذْمُومِ، والمَدْحُورِ: المُبْعَدِ مِن رَحْمَةِ اللَّهِ. واللّامُ مِن "لَأمْلَأنَّ": لامُ القَسَمِ؛ والكَلامُ بِمَعْنى الشَّرْطِ والجَزاءِ، كَأنَّهُ قِيلَ لَهُ: مَن تَبِعَكَ، أُعَذِّبُهُ، فَدَخَلَتِ اللّامُ لَلْمُبالَغَةِ والتَّوْكِيدِ. فَلامُ "لَأمْلَأنَّ" هي لامُ القَسَمِ، ولامُ ﴿لَمَن تَبِعَكَ﴾ تَوْطِئَةٌ لَها. فَأمّا قَوْلُهُ: مِنهم فَقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: الهاءُ والمِيمُ عائِدَتانِ عَلى ولَدِ آَدَمَ، لِأنَّهُ حِينَ قالَ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ [الأعْرافِ: ١١] كانَ مُخاطِبًا لَوَلَدِ آَدَمَ، فَرَجَعَ إلَيْهِمْ، فَقالَ: ﴿لَمَن تَبِعَكَ مِنهُمْ﴾ فَجَعَلَهم غائِبِينَ، لِأنَّ مُخاطَبَتَهم في ذا المَوْضِعِ تُوقِعُ لَبْسًا؛ والعَرَبُ تَرْجِعُ مِنَ الخِطابِ إلى الغَيْبَةِ، ومِنَ الغَيْبَةِ إلى الخِطابِ. ومَن قالَ: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْناكم ثُمَّ صَوَّرْناكُمْ﴾ خِطابٌ لِآَدَمَ، قالَ: أعادَ الهاءَ والمِيمَ عَلى ولَدِهِ، لِأنَّ ذِكْرَهُ يَكْفِي مِن ذِكْرِهِمْ؛ والعَرَبُ تَكْتَفِي بِذِكْرِ الوالِدِ مِن ذِكْرِ الأوْلادِ إذا انْكَشَفَ المَعْنى وزالَ اللَّبْسُ. قالَ الشّاعِرُ: ؎ أرى الخَطَفَيَّ بَذَّ الفَرَزْدَقُ شِعْرَهُ ∗∗∗ ولَكِنَّ خَيْرًا مِن كُلَيْبٍ مُجاشِعُ أرادَ: أرى ابْنَ الخَطَفِيِّ، فاكْتَفى بِالخَطَفِيِّ مِنِ ابْنِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لأمْلأنَّ جَهَنَّمَ مِنكُمْ﴾ يَعْنِي أوْلادَ آَدَمَ المُخالِفِينَ وقُرَناءَهم مِنَ الشَّياطِينِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب