الباحث القرآني
(p-٣٠٢)سُورَةُ التَّحْرِيمِ
وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ كُلُّها بِإجْماعِهِمْ
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لِمَ تُحَرِّمُ ما أحَلَّ اللَّهُ لَكَ﴾ في سَبَبِ نُزُولِها قَوْلانِ.
أحَدُهُما: «أنَّ حَفْصَةً ذَهَبَتْ إلى أبِيها تَتَحَدَّثُ عِنْدَهُ، فَأرْسَلَ النَّبِيُّ ﷺ إلى جارِيَتِهِ، فَظَلَّتْ مَعَهُ في بَيْتِ حَفْصَةَ، وكانَ اليَوْمَ [الَّذِي] يَأْتِي فِيهِ عائِشَةَ، (p-٣٠٣)فَرَجَعَتْ حَفْصَةُ، فَوَجَدَتْها في بَيْتِها، فَجَعَلَتْ تَنْتَظِرُ خُرُوجَها، وغارَتْ غَيْرَةً شَدِيدَةً. فَلَمّا دَخَلَتْ حَفْصَةُ قالَتْ: قَدْ رَأيْتُ مَن كانَ عِنْدَكَ. واللَّهِ لَقَدْ سُؤْتَنِي، فَقالَ النَّبِيُّ ﷺ: "واللَّهِ لَأُرْضِيَنَّكِ، وإنِّي مُسِرٌّ إلَيْكِ سِرًّا فاحْفَظِيهِ" قالَتْ: وما هُوَ؟ قالَ "إنِّي أُشْهِدُكِ أنَّ سُرِّيَّتِي هَذِهِ عَلَيَّ حَرامٌ رِضًى لَكِ"، وكانَتْ عائِشَةُ وحَفْصَةُ مُتَظاهِرَتَيْنِ عَلى نِساءِ النَّبِيِّ ﷺ، فانْطَلَقَتْ حَفْصَةُ إلى عائِشَةَ، فَقالَتْ لَها: أبْشِرِي، إنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَدْ حَرَّمَ عَلَيْهِ فَتاتَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. وقَدْ رُوِيَ عَنْ عُمْرٍ نَحْوُ هَذا المَعْنى، وقالَ فِيهِ: «فَقالَتْ حَفْصَةُ: كَيْفَ تُحَرِّمُها عَلَيْكَ، وهي جارِيَتُكَ؟! فَحَلَفَ لَها أنْ لا يَقْرَبَها، فَقالَ لَها: "لا تَذْكُرِيهِ لِأحَدٍ" فَذَكَرَتْهُ لِعائِشَةَ، فَآلى أنْ لا يَدْخُلَ عَلى نِسائِهِ شَهْرًا، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ» وقالَ الضَّحّاكُ: «قالَ لَها: "لا تَذْكُرِي لِعائِشَةَ ما رَأيْتِ"، فَذَكَرَتْهُ، فَغَضِبَتْ عائِشَةُ، ولَمْ تَزَلْ بِنَبِيِّ اللَّهِ حَتّى حَلَفَ أنْ لا يَقْرَبَها، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ،» وإلى هَذا المَعْنى: ذَهَبَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ، وعَطاءٌ، والشَّعْبِيُّ، ومَسْرُوقٌ، ومُقاتِلٌ، والأكْثَرُونَ. (p-٣٠٤)والثّانِي: ما رَوى عُرْوَةُ عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: «كانَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يُحِبُّ الحَلْواءَ والعَسَلَ، وكانَ إذا انْصَرَفَ مِن صَلاةِ العَصْرِ دَخَلَ عَلى نِسائِهِ، فَدَخَلَ عَلى حَفْصَةَ بِنْتِ عُمَرَ، واحْتَبَسَ عِنْدَها، فَسَألَتْ عَنْ ذَلِكَ، فَقِيلَ: أهَدَتْ لَها امْرَأةٌ مِن قَوْمِها عُكَّةً مِن عَسَلٍ، فَسَقَتْ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، فَقُلْتُ: أما واللَّهِ لَنَحْتالَنَّ لَهُ، فَقُلْتُ لِسَوْدَةَ: إنَّهُ سَيَدْنُو مِنكِ إذا دَخَلَ عَلَيْكِ، فَقُولِي لَهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أكَلْتَ مَغافِيرَ، فَإنَّهُ سَيَقُولُ لَكِ: سَقَتْنِي حَفْصَةُ شَرْبَةَ عَسَلٍ، فَقُولِي: جَرَسَتْ نَحْلُهُ العُرْفُطَ وسَأقُولُ ذَلِكَ، وقَوْلِي أنْتِ يا صَفِيَّةُ ذَلِكَ، فَلَمّا دارَ إلى حَفْصَةَ قالَتْ لَهُ: يا رَسُولَ اللَّهِ أسْقِيكَ مِنهُ؟ قالَ: لا حاجَةَ لِي فِيهِ، قالَتْ: تَقُولُ: سَوْدَةُ سُبْحانَ اللَّهِ، واللَّهِ لَقَدْ حَرَمْناهُ قُلْتُ لَها: اسْكُتِي،» أخْرَجَهُ البُخارِيُّ ومُسْلِمٌ في "الصَّحِيحَيْنِ" . وفي رِوايَةِ ابْنِ أبِي مُلَيْكَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ: (p-٣٠٥)أنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدَها العَسَلَ سَوْدَةُ، فَقالَتْ لَهُ عائِشَةُ: إنِّي لَأجِدُ مِنكَ رِيحًا، ثُمَّ دَخَلَ عَلى حَفْصَةَ، فَقالَتْ: إنِّي أجِدُ مِنكَ رِيحًا فَقالَ: " إنِّي أراهُ مِن شَرابٍ شَرِبْتُهُ عِنْدَ سَوْدَةَ، واللَّهِ لا أشْرَبُهُ"، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. وفي حَدِيثِ عُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ عائِشَةَ أنَّ الَّتِي شَرِبَ عِنْدَها العَسَلَ زَيْنَبُ بِنْتُ جَحْشٍ، فَتَواطَأتْ حَفْصَةُ وعائِشَةُ أنْ تَقُولا لَهُ ذَلِكَ القَوْلَ. قالَ أبُو عُبَيْدٍ: المَغافِيرُ: شَيْءٌ شَبِيهٌ بِالصَّمْغِ فِيهِ حَلاوَةٌ. وخَرَجَ النّاسُ يَتَمَغْفَرُونَ: إذا خَرَجُوا يَجْتَنُونَهُ. ويُقالُ: المَغاثِيرُ بِالثّاءِ، مِثْلُ جَدَثٍ، وجَدَفٍ. وقالَ الزَّجّاجُ: المَغافِيرُ: صَمْغٌ مُتَغَيِّرُ الرّائِحَةِ، فَخَرَجَ في المُرادِ بِالَّذِي أحَلَّ اللَّهُ لَهُ قَوْلانِ. (p-٣٠٦)أحَدُهُما: أنَّهُ جارِيَتُهُ. والثّانِي: العَسَلُ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿تَبْتَغِي مَرْضاتَ أزْواجِكَ﴾ أيْ: تَطْلُبُ رِضاهُنَّ بِتَحْرِيمِ ذَلِكَ. ﴿واللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ﴾ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ التَّحْرِيمَ. ﴿قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ﴾ قالَ مُقاتِلٌ: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكم ﴿تَحِلَّةَ أيْمانِكُمْ﴾ أيْ: كَفّارَةَ أيْمانِكُمْ، وذَلِكَ البَيانُ في [المائِدَةِ: ٨٩] قالَ المُفَسِّرُونَ: وأصْلُ "تَحِلَّةٍ" تَحْلِلَةٌ عَلى وزْنِ تَفْعِلَةٍ، فَأُدْغِمَتْ، والمَعْنى: قَدْ بَيَّنَ اللَّهُ لَكم تَحْلِيلَ أيْمانِكم بِالكَفّارَةِ، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ، فَأعْتَقَ رَقَبَةً.
(p-٣٠٧)واخْتَلَفُوا هَلْ حَرَّمَ مارِيَّةَ عَلى نَفْسِهِ بِيَمِينٍ، أمْ لا؟ عَلى قَوْلَيْنِ.
أحَدُهُما: حَرَّمَها مِن غَيْرِ ذِكْرِ يَمِينٍ، فَكانَ التَّحْرِيمُ مُوجِبًا لِكَفّارَةِ اليَمِينِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّهُ حَلَفَ يَمِينًا حَرَّمَها بِها، قالَهُ الحَسَنُ. والشَّعْبِيُّ، وقَتادَةُ، ﴿واللَّهُ مَوْلاكُمْ﴾ أيْ: ولِيُّكم وناصِرُكم.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَإذْ أسَرَّ النَّبِيُّ إلى بَعْضِ أزْواجِهِ حَدِيثًا﴾ يَعْنِي: حَفْصَةَ مِن غَيْرِ خِلافٍ عَلِمْناهُ.
وَفِي هَذا السِّرِّ ثَلاثَةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهُ قالَ لَها: " إنِّي مُسِرٌّ إلَيْكِ سِرًّا فاحْفَظِيهِ، سُرِّيَّتِي هَذِهِ عَلَيَّ حَرامٌ "، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، وبِهِ قالَ عَطاءٌ، والشَّعْبِيُّ، والضَّحّاكُ، وقَتادَةُ، وزَيْدُ بْنُ أسْلَمَ، وابْنُهُ، والسُّدِّيُّ.
(p-٣٠٨)والثّانِي: أنَّهُ قالَ لَها: " أبُوكِ، وأبُو عائِشَةَ، والِيا النّاسِ مِن بَعْدِي، فَإيّاكِ أنْ تُخْبِرِي أحَدًا "، رَواهُ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّالِثُ: أنَّهُ أسَرَّ إلَيْها أنَّ أبا بَكْرٍ خَلِيفَتِي مِن بَعْدِي، قالَهُ مَيْمُونُ بْنُ مِهْرانَ. (p-٣٠٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا نَبَّأتْ بِهِ﴾ أيْ: أخْبَرَتْ بِهِ عائِشَةَ "وَأظْهَرَهُ اللَّهُ عَلَيْهِ" أيْ: أطْلَعَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَلى قَوْلِهِ حَفْصَةَ لِعائِشَةَ، فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ غَضَبًا شَدِيدًا، لِأنَّهُ اسْتَكْتَمَ حَفْصَةَ ذَلِكَ، ثُمَّ دَعاها، فَأخْبَرَها بِبَعْضِ ما قالَتْ، فَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿عَرَّفَ بَعْضَهُ وأعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ وفي الَّذِي عَرَّفَها إيّاهُ قَوْلانِ.
أحَدُهُما: أنَّهُ حَدَّثَها ما حَدَّثَتْها عائِشَةُ مِن شَأْنِ أبِي بَكْرٍ وعُمَرَ، وسَكَتَ عَمّا أخْبَرَتْ عائِشَةَ مِن تَحْرِيمِ مارِيَّةَ، لِأنَّهُ لَمْ يُبالِ ما أظْهَرَتْ مِن ذَلِكَ، رَواهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ.
والثّانِي: أنَّ الَّذِي عَرَّفَ: تَحْرِيمُ مارِيَّةَ، والَّذِي أعْرَضَ عَنْهُ: ذِكْرُ الخِلافَةِ لِئَلّا يَنْتَشِرَ، قالَهُ الضَّحّاكُ، وهَذا اخْتِيارُ الزَّجّاجِ. قالَ: ومَعْنى "عَرَّفَ بَعْضَهُ" عَرَّفَ حَفْصَةَ بَعْضَهُ. وقَرَأ الكِسائِيُّ، "عَرَفَ" بِالتَّخْفِيفِ. قالَ الزَّجّاجُ: عَلى هَذِهِ القِراءَةِ قَدْ عَرَفَ كُلَّ ما أسَرَّهُ، غَيْرَ أنَّ المَعْنى جارٍ عَلى بَعْضِهِ كَقَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَما تَفْعَلُوا مِن خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللَّهُ﴾ [البَقَرَةِ: ١٧٩]، أيْ: يَعْلَمْهُ ويُجازِ عَلَيْهِ، وكَذَلِكَ: ﴿فَمَن يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ﴾ [الزَّلْزَلَةِ: ٧] أيْ: يَرَ جَزاءَهُ. فَقِيلَ: إنَّ النَّبِيَّ ﷺ طَلَّقَ حَفْصَةَ تَطْلِيقَةً، فَكانَ ذَلِكَ جَزاءَها عِنْدَهُ، فَأمَرَهُ اللَّهُ أنْ يُراجِعَها. وقالَ مُقاتِلُ بْنُ حَيّانَ: لَمْ يُطَلِّقْها، وإنَّما هَمَّ بِطَلاقِها، فَقالَ لَهُ جِبْرِيلُ: لا تُطَلِّقْها، فَإنَّها صَوّامَةٌ قَوّامَةٌ. وقالَ الحَسَنُ: ما اسْتَقْصى كَرِيمٌ قَطُّ، ثُمَّ قَرَأ ﴿عَرَّفَ (p-٣١٠)بَعْضَهُ وأعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ﴾ . وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأُبَيُّ بْنُ كَعْبٍ، وابْنُ السَّمَيْفَعِ "عُرّافُ" بِرَفْعِ العَيْنِ، وتَشْدِيدِ الرّاءِ وبِألِفٍ "بَعْضِهِ" بِالخَفْضِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَلَمّا نَبَّأها بِهِ﴾ أيْ: أخْبَرَ حَفْصَةَ بِإفْشائِها السِّرَّ ﴿قالَتْ مَن أنْبَأكَ هَذا﴾ أيْ: مَن أخْبَرَكَ بِأنِّي أفْشَيْتُ سِرَّكَ؟ ﴿قالَ نَبَّأنِيَ العَلِيمُ الخَبِيرُ﴾ ثُمَّ خاطَبَ عائِشَةَ وحَفْصَةَ، فَقالَ: ﴿إنْ تَتُوبا إلى اللَّهِ﴾ أيْ: مِنَ التَّعاوُنِ عَلى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ بِالإيذاءِ ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما﴾ قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: زاغَتْ، وأثِمَتْ. قالَ الزَّجّاجُ: عَدَلَتْ، وزاغَتْ عَنِ الحَقِّ. قالَ مُجاهِدٌ: كُنّا نَرى قَوْلَهُ تَعالى: ﴿فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما﴾ شَيْئًا هَيِّنًا حَتّى وجَدْناهُ في قِراءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ: فَقَدْ زاغَتْ قُلُوبُكُما. وإنَّما جَعَلَ القَلْبَيْنِ جَماعَةً لِأنَّ كُلَّ اثْنَيْنِ فَما فَوْقَهُما جَماعَةٌ. وقَدْ أشَرْنا إلى هَذا في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿فَإنْ كانَ لَهُ إخْوَةٌ﴾ [النِّساءِ: ١١] وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إذْ تَسَوَّرُوا المِحْرابَ﴾ [ص: ١١] . قالَ المُفَسِّرُونَ: وذَلِكَ أنَّهُما أحَبّا ما كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِنِ اجْتِنابِ جارِيَتِهِ، "وَإنْ تَظاهَرا" وقَرَأ ابْنُ مَسْعُودٍ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ ومُجاهِدٌ، والأعْمَشُ "تَظاهَرا" بِتَخْفِيفِ الظّاءِ، أيْ: تَعاوَنا عَلى النَّبِيِّ ﷺ بِالإيذاءِ ﴿فَإنَّ اللَّهَ هو مَوْلاهُ﴾ أيْ: ولِيُّهُ في العَوْنِ، والنُّصْرَةِ ﴿وَجِبْرِيلُ﴾ ولِيُّهُ ﴿وَصالِحُ المُؤْمِنِينَ﴾ وفي المُرادِ بِصالِحِ المُؤْمِنِينَ سِتَّةُ أقْوالٍ.
أحَدُها: أنَّهم أبُو بَكْرٍ وعُمَرُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، وعِكْرِمَةُ، والضَّحّاكُ.
والثّانِي: أبُو بَكْرٍ، رَواهُ مَكْحُولٌ عَنْ أبِي أُمامَةَ.
والثّالِثُ: عُمَرُ، قالَهُ ابْنُ جُبَيْرٍ، ومُجاهِدٌ.
والرّابِعُ: خِيارُ المُؤْمِنِينَ، قالَهُ الرَّبِيعُ بْنُ أنَسٍ.
(p-٣١١)والخامِسُ: أنَّهُمُ الأنْبِياءُ، قالَهُ قَتادَةُ، والعَلاءُ بْنُ زِيادٍ العَدَوِيُّ، وسُفْيانُ.
والسّادِسُ: أنَّهُ عَلِيٌّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قالَهُ الفَرّاءُ: ﴿وَصالِحُ المُؤْمِنِينَ﴾ مُوَحَّدٌ في مَذْهَبِ جَمِيعٍ، كَما تَقُولُ: لا يَأْتِينِي إلّا سائِسُ الحَرْبِ، فَمَن كانَ ذا ساسَةٍ لِلْحَرْبِ، فَقَدْ أُمِرَ بِالمَجِيءِ، ومِثْلُهُ قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والسّارِقُ والسّارِقَةُ﴾ [المائِدَةِ: ٣٨]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّذانِ يَأْتِيانِها مِنكُمْ﴾ [النِّساءِ: ١٦]، وقَوْلِهِ تَعالى: ﴿إنَّ الإنْسانَ خُلِقَ هَلُوعًا﴾ [المَعارِجِ: ١٩] في كَثِيرٍ مِنَ القُرْآنِ يُؤَدِّي مَعْنى الواحِدِ عَنِ الجَمِيعِ.
قَوْلُهُ تَعالى: ﴿والمَلائِكَةُ بَعْدَ ذَلِكَ ظَهِيرٌ﴾ أيْ: ظَهْرًا، وهَذا مِمّا لَفْظُهُ لَفْظُ الواحِدِ، ومَعْناهُ الجَمِيعُ، ومِثْلُهُ ﴿يُخْرِجُكم طِفْلا﴾ [غافِرٍ: ٦٧]، وقَدْ شَرَحْناهُ هُناكَ. ثُمَّ خَوَّفَ نِساءَهُ، فَقالَ تَعالى: ﴿عَسى رَبُّهُ إنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ وسَبَبُ نُزُولِها ما رَوى أنَسٌ عَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطّابِ قالَ: بَلَغَنِي بَعْضُ ما آذى بِهِ رَسُولَ اللَّهِ نِساؤُهُ، فَدَخَلَتْ عَلَيْهِنَّ، فَجَعَلْتُ أسْتَقْرِئُهُنَّ واحِدَةً واحِدَةً، فَقُلْتُ: واللَّهِ لَتَنْتَهِنَّ، أوْ لَيُبَدِّلَنَّهُ اللَّهُ أزْواجًا خَيْرًا مِنكُنَّ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. والمَعْنى: واجِبٌ مِنَ اللَّهِ ﴿إنْ طَلَّقَكُنَّ﴾ رَسُولُهُ ﴿أنْ يُبْدِلَهُ أزْواجًا خَيْرًا مِنكُنَّ مُسْلِماتٍ﴾ أيْ: خاضِعاتٍ لِلَّهِ بِالطّاعَةِ ﴿مُؤْمِناتٍ﴾ مُصَدِّقاتٍ بِتَوْحِيدِ اللَّهِ ﴿قانِتاتٍ﴾ أيْ: طائِعاتٍ ﴿سائِحاتٍ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. (p-٣١٢)أحَدُهُما: صائِماتٌ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والجُمْهُورُ. وقَدْ شَرَحْنا هَذا المَعْنى عِنْدَ قَوْلِهِ تَعالى: ﴿السّائِحُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: ١١٢] .
والثّانِي: مُهاجِراتٌ، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ، وابْنُهُ. "والثَّيِّباتُ" جَمْعُ ثَيِّبٍ، وهي المَرْأةُ الَّتِي قَدْ تَزَوَّجَتْ، ثُمَّ ثابَتْ إلى بَيْتِ أبَوَيْها، فَعادَتْ كَما كانَتْ غَيْرَ ذاتِ زَوْجٍ. "والأبْكارُ": العَذارى.
{"ayahs_start":1,"ayahs":["یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِی مَرۡضَاتَ أَزۡوَ ٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ","قَدۡ فَرَضَ ٱللَّهُ لَكُمۡ تَحِلَّةَ أَیۡمَـٰنِكُمۡۚ وَٱللَّهُ مَوۡلَىٰكُمۡۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡحَكِیمُ","وَإِذۡ أَسَرَّ ٱلنَّبِیُّ إِلَىٰ بَعۡضِ أَزۡوَ ٰجِهِۦ حَدِیثࣰا فَلَمَّا نَبَّأَتۡ بِهِۦ وَأَظۡهَرَهُ ٱللَّهُ عَلَیۡهِ عَرَّفَ بَعۡضَهُۥ وَأَعۡرَضَ عَنۢ بَعۡضࣲۖ فَلَمَّا نَبَّأَهَا بِهِۦ قَالَتۡ مَنۡ أَنۢبَأَكَ هَـٰذَاۖ قَالَ نَبَّأَنِیَ ٱلۡعَلِیمُ ٱلۡخَبِیرُ","إِن تَتُوبَاۤ إِلَى ٱللَّهِ فَقَدۡ صَغَتۡ قُلُوبُكُمَاۖ وَإِن تَظَـٰهَرَا عَلَیۡهِ فَإِنَّ ٱللَّهَ هُوَ مَوۡلَىٰهُ وَجِبۡرِیلُ وَصَـٰلِحُ ٱلۡمُؤۡمِنِینَۖ وَٱلۡمَلَـٰۤىِٕكَةُ بَعۡدَ ذَ ٰلِكَ ظَهِیرٌ","عَسَىٰ رَبُّهُۥۤ إِن طَلَّقَكُنَّ أَن یُبۡدِلَهُۥۤ أَزۡوَ ٰجًا خَیۡرࣰا مِّنكُنَّ مُسۡلِمَـٰتࣲ مُّؤۡمِنَـٰتࣲ قَـٰنِتَـٰتࣲ تَـٰۤىِٕبَـٰتٍ عَـٰبِدَ ٰتࣲ سَـٰۤىِٕحَـٰتࣲ ثَیِّبَـٰتࣲ وَأَبۡكَارࣰا"],"ayah":"یَـٰۤأَیُّهَا ٱلنَّبِیُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَاۤ أَحَلَّ ٱللَّهُ لَكَۖ تَبۡتَغِی مَرۡضَاتَ أَزۡوَ ٰجِكَۚ وَٱللَّهُ غَفُورࣱ رَّحِیمࣱ"}
- أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.
أمّهات
جامع البيان
تفسير الطبري
نحو ٢٨ مجلدًا
تفسير القرآن العظيم
تفسير ابن كثير
نحو ١٩ مجلدًا
الجامع لأحكام القرآن
تفسير القرطبي
نحو ٢٤ مجلدًا
معالم التنزيل
تفسير البغوي
نحو ١١ مجلدًا
جمع الأقوال
منتقاة
عامّة
عامّة
فتح البيان
فتح البيان للقنوجي
نحو ١٢ مجلدًا
فتح القدير
فتح القدير للشوكاني
نحو ١١ مجلدًا
التسهيل لعلوم التنزيل
تفسير ابن جزي
نحو ٣ مجلدات
موسوعات
أخرى
لغة وبلاغة
معاصرة
الميسر
نحو مجلد
المختصر
المختصر في التفسير
نحو مجلد
تيسير الكريم الرحمن
تفسير السعدي
نحو ٤ مجلدات
أيسر التفاسير
نحو ٣ مجلدات
القرآن – تدبّر وعمل
القرآن – تدبر وعمل
نحو ٣ مجلدات
تفسير القرآن الكريم
تفسير ابن عثيمين
نحو ١٥ مجلدًا
مركَّزة العبارة
تفسير الجلالين
نحو مجلد
جامع البيان
جامع البيان للإيجي
نحو ٣ مجلدات
أنوار التنزيل
تفسير البيضاوي
نحو ٣ مجلدات
مدارك التنزيل
تفسير النسفي
نحو ٣ مجلدات
الوجيز
الوجيز للواحدي
نحو مجلد
تفسير القرآن العزيز
تفسير ابن أبي زمنين
نحو مجلدين
آثار
غريب ومعاني
السراج في بيان غريب القرآن
غريب القرآن للخضيري
نحو مجلد
الميسر في غريب القرآن الكريم
الميسر في الغريب
نحو مجلد
تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن قتيبة
نحو مجلد
التبيان في تفسير غريب القرآن
غريب القرآن لابن الهائم
نحو مجلد
معاني القرآن وإعرابه
معاني الزجاج
نحو ٤ مجلدات
معاني القرآن
معاني القرآن للنحاس
نحو مجلدين
معاني القرآن
معاني القرآن للفراء
نحو مجلدين
مجاز القرآن
مجاز القرآن لمعمر بن المثنى
نحو مجلد
معاني القرآن
معاني القرآن للأخفش
نحو مجلد
أسباب النزول
إعراب ولغة
الإعراب الميسر
نحو ٣ مجلدات
إعراب القرآن
إعراب القرآن للدعاس
نحو ٤ مجلدات
الجدول في إعراب القرآن وصرفه وبيانه
الجدول في إعراب القرآن
نحو ٨ مجلدات
الدر المصون
الدر المصون للسمين الحلبي
نحو ١٠ مجلدات
اللباب
اللباب في علوم الكتاب
نحو ٢٤ مجلدًا
إعراب القرآن وبيانه
إعراب القرآن للدرويش
نحو ٩ مجلدات
المجتبى من مشكل إعراب القرآن
مجتبى مشكل إعراب القرآن
نحو مجلد
إعراب القرآن
إعراب القرآن للنحاس
نحو ٣ مجلدات
تحليل كلمات القرآن
نحو ٩ مجلدات
الإعراب المرسوم
نحو ٣ مجلدات
المجمّع
بالرسم الجديد
بالرسم القديم
حفص عن عاصم
شُعْبة عن عاصم
قالون عن نافع
ورش عن نافع
البَزِّي عن ابن كثير
قُنبُل عن ابن كثير
الدُّوري عن أبي عمرو
السُّوسِي عن أبي عمرو
نستعليق