الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لا تُلْهِكُمْ﴾ أيْ: لا تَشْغَلْكم. وفي المُرادِ بِذِكْرِ اللَّهِ ها هُنا أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: طاعَةُ اللَّهِ في الجِهادِ، قالَهُ أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: الصَّلاةُ المَكْتُوبَةُ، قالَهُ عَطاءٌ، ومُقاتِلٌ. والثّالِثُ: الفَرائِضُ مِنَ الصَّلاةِ، وغَيْرِها، قالَهُ الضَّحّاكُ. والرّابِعُ: أنَّهُ عَلى إطْلاقِهِ. قالَ الزَّجّاجُ: حَضَّهم بِهَذا عَلى إدامَةِ الذِّكْرِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَأنْفِقُوا مِن ما رَزَقْناكُمْ﴾ في هَذِهِ النَّفَقَةِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ زَكاةُ الأمْوالِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّها النَّفَقَةُ في الحُقُوقِ الواجِبَةِ بِالمالِ، كالزَّكاةِ والحَجِّ، ونَحْوِ ذَلِكَ، وهَذا المَعْنى مَرْوِيٌّ عَنِ الضَّحّاكُ. (p-٢٧٨)والثّالِثُ: أنَّهُ صَدَقَةُ التَّطَوُّعِ، ذَكَرَهُ الماوَرْدِيُّ. فَعَلى هَذا يَكُونُ الأمْرُ نَدْبًا، وعَلى ما قَبْلَهُ يَكُونُ أمْرَ وُجُوبٍ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مِن قَبْلِ أنْ يَأْتِيَ أحَدَكُمُ المَوْتُ﴾ قالَ الزَّجّاجُ: أيْ: مِن قَبْلِ أنْ يُعايِنَ ما يَعْلَمُ مِنهُ أنَّهُ مَيِّتٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَوْلا أخَّرْتَنِي﴾ أيْ: هَلّا أخَّرَتْنِي ﴿إلى أجَلٍ قَرِيبٍ﴾ يَعْنِي بِذَلِكَ الِاسْتِزادَةَ في أجْلِهِ لِيَتَصَدَّقَ ويُزَكِّيَ، وهو قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَأصَّدَّقَ﴾ قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: ﴿فَأصَّدَّقَ﴾ نُصِبَ، لِأنَّ كُلَّ جَوابٍ بِالفاءِ لِلِاسْتِفْهامِ مَنصُوبٌ. تَقُولُ: مَن عِنْدَكَ فَآتِيَكَ. هَلّا فَعَلْتَ كَذا، فَأفْعَلَ كَذا، ثُمَّ تَبِعَتْها ﴿وَأكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ بِغَيْرِ واوٍ. وقالَ أبُو عَمْرٍو: إنَّما هِيَ، وأكُونَ، فَذَهَبَتِ الواوُ مِنَ الخَطِّ. كَما يُكْتَبُ أبُو جادٍ أبْجَدٍ هِجاءً، وهَكَذا يَقْرَؤُها أبُو عَمْرٍو "وَأكُونَ" بِالواوِ، ونَصْبِ النُّونِ. والباقُونَ يَقْرَؤُونَ "وَأكُنْ" بِغَيْرِ واوٍ. قالَ الزَّجّاجُ: مَن قَرَأ "وَأكُونَ" فَهو عَلى لَفْظِ فَأصَّدَّقَ. ومَن جَزَمَ "أكُنْ" فَهو عَلى مَوْضِعِ "فَأصَّدَّقَ" لِأنَّ المَعْنى: إنْ أخَّرَتْنِي أصَّدَّقْ وأكُنْ. ورَوى أبُو صالِحٍ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ ﴿فَأصَّدَّقَ﴾ أيْ: أُزَكِّي مالِي ﴿وَأكُنْ مِنَ الصّالِحِينَ﴾ أيْ: أحُجُّ مَعَ المُؤْمِنِينَ، وقالَ في قَوْلِهِ تَعالى: ﴿واللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ﴾ والمَعْنى: بِما تَعْمَلُونَ مِنَ التَّكْذِيبِ بِالصَّدَقَةِ. قالَ مُقاتِلٌ: يَعْنِي: المُنافِقِينَ. ورَوى الضَّحّاكُ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ، ما مِن أحَدٍ يَمُوتُ، وقَدْ كانَ لَهُ مالٌ لَمْ يُزَكِّهِ، وأطاقَ الحَجَّ فَلَمْ يَحُجَّ، إلّا سَألَ اللَّهَ الرَّجْعَةَ عِنْدَ المَوْتِ، فَقالُوا لَهُ: إنَّما يَسْألُ الرَّجْعَةَ الكُفّارُ، فَقالَ: أنا أتْلُو عَلَيْكم بِهِ قُرْآنًا، ثُمَّ قَرَأ هَذِهِ الآيَةَ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب