الباحث القرآني

(p-٢٥٧)سُورَةُ الجُمُعَةِ وَهِيَ مَدَنِيَّةٌ كُلُّها بِإجْماعِهِمْ وَقَدْ سَبَقَ شَرْحُ فاتِحَتِها. وقَرَأ أبُو الدَّرْداءِ، وأبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، وعِكْرِمَةُ، والنَّخَعِيُّ، والوَلِيدُ عَنْ يَعْقُوبَ ( المَلِكُ القُدُّوسُ العَزِيزُ الحَكِيمُ ) بِالرَّفْعِ فِيهِنَّ. فَإنْ قِيلَ: فَما الفائِدَةُ في إعادَتِهِ ذِكْرَ التَّسْبِيحِ في هَذِهِ السُّورَةِ؟ فالجَوابُ: أنَّ ذَلِكَ لِاسْتِفْتاحِ السُّورِ بِتَعْظِيمِ اللَّهِ عَزَّ وجَلَّ، كَما تُسْتَفْتَحُ بِـ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وإذا جَلَّ المَعْنى في تَعْظِيمِ اللَّهِ، حَسُنَ الِاسْتِفْتاحُ بِهِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿هُوَ الَّذِي بَعَثَ في الأُمِّيِّينَ﴾ يَعْنِي: العَرَبَ، وكانُوا لا يَكْتُبُونَ وقَدْ شَرَحْنا هَذا المَعْنى في [البَقَرَةِ: ٧٨] ﴿رَسُولا﴾ يَعْنِي: مُحَمَّدًا ﷺ ﴿مِنهُمْ﴾ أيْ: مِن جِنْسِهِمْ ونَسَبِهِمْ. (p-٢٥٨)فَإنْ قِيلَ: فَما وجْهُ الِامْتِنانِ في أنَّهُ بَعَثَ نَبِيًّا أُمِّيًّا؟ فَعَنْهُ ثَلاثَةُ أجْوِبَةٍ. أحَدُها: لِمُوافِقَةِ ما تَقَدَّمَتِ البِشارَةُ [بِهِ في كُتُبِ] الأنْبِياءِ. والثّانِي: لِمُشاكَلَةِ حالِهِ لِأحْوالِهِمْ، فَيَكُونُ أقْرَبَ لِمُوافَقَتِهِمْ. والثّالِثُ: لِئَلّا يُظَنَّ بِهِ أنَّهُ يَعْلَمُ كُتُبَ مَن قَبْلَهُ. وما بَعْدَ هَذا في سُورَةِ [البَقَرَةِ: ١٢٩] . إلى قَوْلِهِ تَعالى: ﴿وَإنْ كانُوا مِن قَبْلُ﴾ أيْ: وما كانُوا قَبْلَ بِعْثَتِهِ إلّا في ﴿ضَلالٍ مُبِينٍ﴾ بَيِّنٍ، وهو الشِّرْكُ. (p-٢٥٩)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَآخَرِينَ مِنهُمْ﴾ فِيهِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: وبَعَثَ مُحَمَّدًا في آخَرِينَ مِنهُمْ، أيْ: مِنَ الأُمِّيِّينَ. والثّانِي: ويَعْلَمُ آخَرِينَ مِنهُمْ، ويُزَكِّيهِمْ. وفي المُرادِ بِالآخَرِينَ أرْبَعَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُمُ العَجَمُ، قالَهُ ابْنُ عُمَرَ، وسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ، وهي رِوايَةُ لَيْثٍ عَنْ مُجاهِدٍ. فَعَلى هَذا إنَّما قالَ: " مِنهم "، لِأنَّهم إذا أسْلَمُوا صارُوا مِنهُمْ، إذِ المُسْلِمُونَ يَدٌ واحِدَةٌ، ومِلَّةٌ واحِدَةٌ. والثّانِي: أنَّهُمُ التّابِعُونَ، قالَهُ عِكْرِمَةُ، ومُقاتِلٌ. والثّالِثُ: جَمِيعُ مَن دَخَلَ في الإسْلامِ إلى يَوْمِ القِيامَةِ، قالَهُ ابْنُ زَيْدٍ، وهي رِوايَةُ ابْنِ أبِي نُجَيْحٍ عَنْ مُجاهِدٍ. (p-٢٦٠)والرّابِعُ: أنَّهُمُ الأطْفالُ، حَكاهُ الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَمّا يَلْحَقُوا بِهِمْ﴾ أيْ: لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ﴾ يَعْنِي: الإسْلامَ والهُدى ﴿واللَّهُ ذُو الفَضْلِ العَظِيمِ﴾ بِإرْسالِ مُحَمَّدٍ ﷺ .
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب