الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿إذا جاءَكَ المُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: لَمّا فَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مَكَّةَ جاءَتْهُ النِّساءُ يُبايِعْنَهُ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآيَةُ، وشَرَطَ في مُبايَعَتِهِنَّ الشَّرائِطَ المَذْكُورَةَ في الآيَةِ، فَبايَعَهُنَّ وهو عَلى الصَّفا، فَلَمّا قالَ: ولا يَزْنِينَ، قالَتْ هِنْدٌ: أوَ تَزْنِي الحُرَّةُ؟ فَقالَ: ولا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُنَّ، فَقالَتْ: رَبَّيْناهم صِغارًا فَقَتَلْتُمُوهم كِبارًا، فَأنْتُمْ وهم أعْلَمُ. وقَدْ صَحَّ في الحَدِيثِ «أنَّ النَّبِيَّ ﷺ (p-٢٤٥)لَمْ يُصافِحْ في البَيْعَةِ امْرَأةً، وإنَّما بايَعَهُنَّ بِالكَلامِ.» وقَدْ سَمَّيْنا مَن أحْصَيْنا مِنَ (p-٢٤٦)المُبايِعاتِ في كِتابِ "التَّلْقِيحِ" عَلى حُرُوفِ المُعْجَمِ، وهُنَّ أرْبَعُمِائَةٍ وسَبْعٌ وخَمْسُونَ امْرَأةَ، واللَّهُ المُوَفِّقُ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَلا يَقْتُلْنَ أوْلادَهُنَّ﴾ قالَ المُفَسِّرُونَ: هو الوَأْدُ الَّذِي كانَتِ الجاهِلِيَّةُ تَفْعَلُهُ. قَوْلُهُ تَعالى ﴿وَلا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لا يُلْحِقْنَ بِأزْواجِهِنَّ غَيْرَ أوْلادِهِمْ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ، والجُمْهُورُ، وذَلِكَ أنَّ المَرْأةَ كانَتْ تَلْتَقِطُ المَوْلُودَ، فَتَقُولُ لِزَوْجِها: هَذا ولَدِي مِنكَ، فَذَلِكَ البُهْتانُ المُفْتَرى. وإنَّما قالَ: ﴿بَيْنَ أيْدِيهِنَّ وأرْجُلِهِنَّ﴾ لِأنَّ الوَلَدَ إذا وضَعَتْهُ الأُمُّ سَقَطَ بَيْنَ يَدَيْها ورِجْلَيْها. وقِيلَ: مَعْنى ﴿يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أيْدِيهِنَّ﴾: يَأْخُذْنَهُ لَقِيطًا ﴿وَأرْجُلِهِنَّ﴾ ما ولَّدْنَهُ مِن زِنًى. والثّانِي: السِّحْرُ. والثّالِثُ: المَشْيُ بِالنَّمِيمَةِ، والسَّعْيُ في الفَسادِ، ذَكَرَهُما الماوَرْدِيُّ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلا يَعْصِينَكَ في مَعْرُوفٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. (p-٢٤٧)أحَدُها: أنَّهُ النَّوْحُ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. ورُوِيَ مَرْفُوعًا عَنِ النَّبِيِّ ﷺ . والثّانِي: أنَّهُ لا يَدْعِينَ ويْلًا، ولا يَخْدِشْنَ وجْهًا، ولا يَنْشُرْنَ شَعْرًا، ولا يَشْقُقْنَ ثَوْبًا، قالَهُ زَيْدُ بْنُ أسْلَمَ. والثّالِثُ: جَمِيعُ ما يَأْمُرُهُنَّ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ مِن شَرائِعِ الإسْلامِ وآدابِهِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ الدِّمَشْقِيُّ. وفي هَذِهِ الآيَةِ دَلِيلٌ عَلى أنَّ طاعَةَ الوُلاةِ إنَّما تَلْزَمُ في المُباحِ دُونَ المَحْظُورِ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فَبايِعْهُنَّ﴾ المَعْنى إذا بايَعْنَكَ عَلى هَذِهِ الشَّرائِطِ فَبايِعْهُنَّ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب