الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿فالِقُ الإصْباحِ﴾ في مَعْنى الفَلَقِ قَوْلانِ قَدْ سَبَقا. فَأمّا الإصْباحُ فَقالَ الأخْفَشُ هو مَصْدَرٌ مَن أصْبَحَ وقالَ الزَّجّاجُ: الإصْباحُ والصُّبْحُ واحِدٌ. وَلِلْمُفَسِّرِينَ في الإصْباحِ، ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُ ضَوْءُ الشَّمْسِ بِالنَّهارِ، وضَوْءُ القَمَرِ بِاللَّيْلِ، رَواهُ ابْنُ أبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّهُ إضاءَةُ الفَجْرَ، قالَهُ مُجاهِدٌ. وقالَ ابْنُ زَيْدٍ: فَلَقُ الإصْباحِ مِنَ اللَّيْلِ. والثّالِثُ: أنَّهُ نُورُ النَّهارِ، قالَهُ الضَّحّاكُ. وقَرَأ أنَسُ بْنُ مالِكٍ، والحَسَنُ، وأبُو مِجْلَزٍ، وأيُّوبُ، والجَحْدَرِيُّ: "فالِقُ الإصْباحِ" بِفَتْحِ الهَمْزَةِ. قالَ أبُو عُبَيْدَ: ومَعْناهُ جَمْعُ صُبْحٍ. (p-٩١)قَوْلُهُ تَعالى: ( وجاعِل اللَّيْلِ سَكَنًا ) قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، ونافِعٌ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "جاعِلٌ" بِألِفٍ. وقَرَأ عاصِمٌ، وحَمْزَةُ، والكِسائِيُّ: "وَجَعَلَ" بِغَيْرِ ألِفٍ. "اللَّيْلَ" نَصْبًا. قالَ أبُو عَلِيٍّ: مَن قَرَأ: "جاعِلُ" فَلِأجْلِ "فالِقٍ" وهم يُراعُونَ المُشاكَلَةَ. ومَن قَرَأ: "جَعَلَ" فَلِأنَّ "فاعِلًا" هاهُنا، بِمَعْنى: "فِعْلٍ" بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: ﴿والشَّمْسَ والقَمَرَ حُسْبانًا﴾ . فَأمّا السَّكَنُ، فَهو ما سَكَنْتَ إلَيْهِ. والمَعْنى: أنَّ النّاسَ يَسْكُنُونَ فِيهِ سُكُونَ راحَةٍ. وفي الحُسْبانِ قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّهُ الحِسابُ، قالَهُ الجُمْهُورُ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: يُقالُ: خُذْ مِن كُلِّ شَيْءٍ بِحُسْبانِهِ، أيْ: بِحِسابِهِ. وفي المُرادِ بِهَذا الحَسابِ، ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: أنَّهُما يَجْرِيانِ إلى أجَلٍ جُعِلَ لَهُما، رَواهُ العَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبّاسٍ. والثّانِي: يَجْرِيانِ في مَنازِلِهِما بِحِسابٍ، ويَرْجِعانِ إلى زِيادَةٍ ونُقْصانٍ، قالَهُ السُّدِّيُّ. والثّالِثُ: أنَّ جَرَيانَهُما سَبَبٌ لَمَعْرِفَةِ حِسابِ الشُّهُورِ والأعْوامِ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والقَوْلُ الثّانِي: أنَّ مَعْنى الحُسْبانِ: الضِّياءُ، قالَهُ قَتادَةُ. قالَ الماوَرْدِيُّ، كَأنَّهُ أخَذَهُ مِن قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَيُرْسِلَ عَلَيْها حُسْبانًا مِنَ السَّماءِ﴾ أيْ: نارًا. قالَ ابْنُ جَرِيرٍ: ولَيْسَ هَذا مِن ذاكَ في شَيْءٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب