الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى﴾ سَبَبُ نُزُولِها: أنَّ النَّضْرَ بْنَ الحارِثِ قالَ: سَوْفَ تَشْفَعُ لَيَ اللّاتُ والعُزّى، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الآَيَةُ، قالَهُ عِكْرِمَةُ. ومَعْنى فُرادى: وُحْدانًا. وهَذا إخْبارٌ مِنَ اللَّهِ تَعالى بِما يُوَبِّخُ بِهِ المُشْرِكِينَ يَوْمَ القِيامَةِ. قالَ أبُو عُبَيْدَةَ: فُرادى، أيْ فَرْدٌ فَرَدٌ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ؛ فُرادى: جَمْعُ فَرْدٍ. وَلِلْمُفَسِّرِينَ في مَعْنى "فُرادى" خَمْسَةُ أقْوالٍ مُتَقارِبَةُ المَعْنى. أحَدُها: فُرادى مِنَ الأهْلِ والمالِ والوَلَدِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: كُلُّ واحِدٍ عَلى حِدَةٍ، قالَهُ الحَسَنُ. والثّالِثُ: لَيْسَ مَعَكم مِنَ الدُّنْيا شَيْءٌ، قالَهُ مُقاتِلٌ. والرّابِعُ: كُلُّ واحِدٍ مُنْفَرِدٌ عَنْ شَرِيكِهِ في الغَيِّ، وشَقِيقِهِ، قالَهُ الزَّجّاجُ. والخامِسُ: فُرادى مِنَ المَعْبُودِينَ، قالَهُ ابْنُ كَيْسانَ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿كَما خَلَقْناكم أوَّلَ مَرَّةٍ﴾ فِيهِ ثَلاثَةُ أقْوالٍ. أحَدُها: لا مالَ ولا أهْلَ ولا ولَدَ. والثّانِي: حُفاةٌ عُراةٌ غُرْلًا. والغُرْلُ: القَلْفُ. والثّالِثُ: أحْياءٌ. وخَوَّلْناكُمْ: بِمَعْنى مَلَّكْناكم. ﴿وَراءَ ظُهُورِكُمْ﴾ أيْ: (p-٨٩)فِي الدُّنْيا. والمَعْنى: أنَّ ما دَأبْتُمْ في تَحْصِيلِهِ في الدُّنْيا فَنِيَ، وبَقِيَ النَّدَمُ عَلى سُوءِ الِاخْتِيارِ. وفي شُفَعائِهِمْ، قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها الأصْنامُ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: شُفَعاؤُكم، أيْ: آَلِهَتُكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أنَّهم يَشْفَعُونَ لَكم. و ﴿زَعَمْتُمْ أنَّهم فِيكُمْ﴾ أيْ: عِنْدَكم شُرَكاءُ. وقالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: زَعَمْتُمْ أنَّهم لِي في خَلْقِكم شُرَكاءُ. والثّانِي: أنَّها المَلائِكَةُ؛ كانُوا يَعْتَقِدُونَ شَفاعَتَها، قالَهُ مُقاتِلٌ. قَوْلُهُ تَعالى: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ قَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ، وحَمْزَةُ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: بِالرَّفْعِ. والكِسائِيُّ، وحَفْصٌ عَنْ عاصِمٍ: بِنَصْبِ النُّونِ عَلى الظَّرْفِ. قالَ الزَّجّاجُ: الرَّفْعُ أجْوَدُ، ومَعْناهُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ وصْلُكم، والنَّصْبُ جائِزٌ، ومَعْناهُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ ما كُنْتُمْ فِيهِ مِنَ الشَّرِكَةِ بَيْنَكم. وقالَ ابْنُ الأنْبارِيِّ: التَّقْدِيرُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ ما بَيْنَكم، فَحَذَفَ "ما" لَوُضُوحِ مَعْناها. قالَ أبُو عَلِيٍّ: الَّذِينَ رَفَعُوهُ، جَعَلُوهُ اسْمًا، فَأسْنَدُوا الفِعْلَ الَّذِي هو "تَقَطَّعَ" إلَيْهِ؛ والمَعْنى: لَقَدْ تَقَطَّعَ وصْلُكم. والَّذِينَ نَصَبُوا، أضْمَرُوا اسْمَ الفاعِلِ في الفِعْلِ، والمُضْمَرُ هو الوَصْلُ؛ فالتَّقْدِيرُ: لَقَدْ تَقَطَّعَ وصْلُكم بَيْنَكم. وفي الَّذِي كانُوا يَزْعُمُونَ قَوْلانِ. أحَدُهُما: شَفاعَةُ آَلِهَتِهِمْ. والثّانِي: عَدَمُ البَعْثِ والجَزاءِ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب