الباحث القرآني

(p-٥٠)قَوْلُهُ تَعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآياتِ﴾ أيْ: وكَما فَصَّلْنا لَكَ في هَذِهِ السُّورَةِ دَلائِلَنا وأعْلامَنا عَلى المُشْرِكِينَ، كَذَلِكَ نُبَيِّنُ لَكَ حُجَّتَنا في كُلِّ حَقٍّ يُنْكِرُهُ أهْلُ الباطِلِ. قالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: ومَعْنى تَفْصِيلُها: إتْيانُها مُتَفَرِّقَةً شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ. قَوْلُهُ تَعالى "وَلِتَسْتَبِينَ" وقَرَأ ابْنُ كَثِيرٍ، وأبُو عَمْرٍو، وابْنُ عامِرٍ: "وَلِتَسْتَبِينَ" بِالتّاءِ، "سَبِيلُ" بِالرَّفْعِ. وقَرَأ نافِعٌ، وزَيْدٌ عَنْ يَعْقُوبَ: بِالتّاءِ أيْضًا، إلّا أنَّهُما نَصَبا السَّبِيلَ. وقَرَأ حَمْزَةُ، والكِسائِيُّ، وأبُو بَكْرٍ عَنْ عاصِمٍ: "وَلِيَسْتَبِينَ" بِالياءِ، "سَبِيلُ" بِالرَّفْعِ. فَمَن قَرَأ "وَلِتَسْتَبِينَ" بِالياءِ أوِ التّاءِ، فَلِأنَّ السَّبِيلَ تُذَكَّرُ وتُؤَنَّثُ عَلى ما بَيَّنّا في (آَلِ عِمْرانَ) ومَن نَصَبَ اللّامَ، فالمَعْنى: ولِتَسْتَبِينَ أنْتَ يا مُحَمَّدُ سَبِيلَ المُجْرِمِينَ. وفي سَبِيلِهِمُ الَّتِي بُيِّنَتْ لَهُ، قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّها طَرِيقُهم في الشِّرْكِ، ومَصِيرُهم إلى الخِزْيِ، قالَهُ ابْنُ عَبّاسٍ. والثّانِي: أنَّها مَقْصُودُهم في طَرْدِ الفُقَراءِ عَنْهُ، وذَلِكَ إنَّما هو الحَسَدُ، لا إيثارُ مُجالَسَتِهِ واتِّباعِهِ، قالَهُ أبُو سُلَيْمانَ. فَإنْ قِيلَ: كَيْفَ انْفَرَدَتْ لامُ "كَيْ" في قَوْلِهِ: "وَلِتَسْتَبِينَ" وسَبِيلُها أنْ تَكُونَ شَرْطًا لَفِعْلٍ يَتَقَدَّمُها أوْ يَأْتِيَ بَعْدَها؟ فَقَدْ أجابَ عَنْهُ ابْنُ الأنْبارِيِّ بِجَوابَيْنِ. أحَدُهُما: أنَّها شَرْطٌ لَفِعْلٍ مُضْمَرٍ، يُرادُ بِهِ: ونَفْعَلُ ذَلِكَ لَكَيْ تَسْتَبِينَ. والثّانِي: أنَّها مَعْطُوفَةٌ عَلى لامٍ مُضْمَرَةٍ، تَأْوِيلُهُ: نُفَصِّلُ الآَياتِ لَيَتَكَشَّفَ أمْرُهم، ولِتَسْتَبِينَ سَبِيلُهم.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب