الباحث القرآني

قَوْلُهُ تَعالى: ﴿مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أمْثالِها﴾ وقَرَأ يَعْقُوبُ، والقَزّازُ عَنْ عَبْدِ الوارِثِ: "عَشْرُ" بِالتَّنْوِينِ، "أمْثالُها" بِالرَّفْعِ. قالَ ابْنُ عَبّاسٍ: يُرِيدُ: مِن عَمَلِها، كُتِبَتْ لَهُ عَشْرُ حَسَناتٍ. ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إلّا جَزاءَ "مِثْلِها" . وفي الحَسَنَةِ والسَّيِّئَةِ هاهُنا قَوْلانِ. أحَدُهُما: أنَّ الحَسَنَةَ: قَوْلُ لا إلَهَ إلّا اللَّهُ. والسَّيِّئَةُ: الشِّرْكُ، قالَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ، ومُجاهِدٌ، والنَّخَعِيُّ. والثّانِي: أنَّهُ عامٌّ في كُلِّ حَسَنَةٍ وسَيِّئَةٍ. رَوى مُسْلِمٌ في "صَحِيحِهِ" مِن حَدِيثِ أبِي ذَرِّ «عَنَ النَّبِيِّ ﷺ قالَ: "يَقُولُ اللَّهُ عَزَّ وجَلَّ: مَن جاءَ بِالحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْر أمْثالها أوْ أزِيدُ، ومَن جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَجَزاء سَيِّئَة مِثْلها أوْ أغْفِرُ» فَإنْ قِيلَ: (p-١٦٠)إذا كانَتِ الحَسَنَةُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، فَأيُّ مَثَلٍ لَها حَتّى يُجْعَلَ جَزاءَ قائِلِها عَشْرُ أمْثالِها؟ فالجَوابُ: أنَّ جَزاءَ الحَسَنَةِ مَعْلُومُ القَدْرِ عِنْدَ اللَّهِ، فَهو يُجازِي فاعِلَها بِعَشْرِ أمْثالِهِ، وكَذَلِكَ السَّيِّئَةُ. وقَدْ أشَرْنا إلى هَذا في "المائِدَةِ" عِنْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَكَأنَّما قَتَلَ النّاسَ جَمِيعًا﴾ [المائِدَةِ:٣٢] . فَإنْ قِيلَ: المَثَلُ مُذَكَّرٌ، فَلِمَ قالَ: ﴿عَشْرُ أمْثالِها﴾ والهاءُ إنَّما تَسْقُطُ في عَدَدِ المُؤَنَّثِ؟ فالجَوابُ: أنَّ الأمْثالَ خُلِقَتْ حَسَناتٍ؛ مُؤَنَّثَةٍ وتَلْخِيصُ المَعْنى: فَلَهُ عَشْرُ حَسَناتِ أمْثالِها، فَسَقَطَتِ الهاءُ مِن عَشْرٍ، لِأنَّها عَدَدٌ مُؤَنَّثٌ، كَما تَسْقُطُ عِنْدَ قَوْلِكَ: عَشْرُ نِعالٍ، وعَشْرُ جِبابٍ.
    1. أدخل كلمات البحث أو أضف قيدًا.

    أمّهات

    جمع الأقوال

    منتقاة

    عامّة

    معاصرة

    مركَّزة العبارة

    آثار

    إسلام ويب